الخميس، 2 يوليو 2015

الثقافة تخاصم شبابنا

الجزء الأول

أصبحت الثقافة لغة التخاطب في شتى المجالات .. وبات الغيرعارف بهذه الثقافة كأنه مفقود في صحراء يتخبط في مجالسه وأينما كان ويواجه إحراجا عندما يكون وسط البعض من المثقفين .
إن الثقافة التي نسعى لها هي المعرفة بما يحيط الإنسان في المقام الأول في حياته اليومية ومشاهداته وتعامله مع الأخرين وتلك ثقافة من الحياة تعلمها الأباء والأجداد ولكن العيب فيها أنها تحتاج لسنوات عديدة .. كما أن الثقافة كانت محجوزة في صفحات الكتب والتي كانت نادرة في عهد الأجداد إضافة لأعمالهم الشاقة التي لم تهيء لهم علوم الثقافة وقد أكتفوا بما سموه ( الكتّاب ) وموقعه في المساجد مع مجموعة من الصغار ومدّرس لديه علم مبسط يستسقي من الجميع شيئا من القرآن مع القراءة الضعفية والكتابة الإملائية الصعبة .. أما ثقافة اليوم فهي مجموعة من المعلومات تتقدمها التسلح بالألفاظ والمترادفات والمعاني والتي اكتسبها الفرد بإطلاعات متنوعة من هنا وهناك .. ولابد التنويه أن الصحف اليومية هي وجبة خفيفة سريعة ليس لها نصيب أن تكون أحد الأسس الرئيسية في التثقيف بل هي عامل مساعد ولكنها اخبار عن الحال بين هنا وهناك.. ومقالات إجتماعية أو سياسة أو علمية تنتهي في يومها لننتظر ما يأتي في اليوم التالي .
لقد كانت مفارقات اليوم عندما تقلصت الكتب والعلوم والثقافات وباتت المكتبات حزينة لأن الراغبين في تلك الكتب قد لجوء إلى التقنية الحديثة ليعرفوا العلوم من شتى بقاع الأرض في لحظات  وشتان بين من يبحث من اجل الثقافة وبين من ينسخ العلوم ليحصل بها على شهادة تؤهله لوظيفة  في أحدى المكاتب الحكومية مكتفيا براتبه القليل ووظيفته التي لاتغني ويبقى فكره بين القفل والضيق .

إن الثقافة التي أنطلقت منذ سنوات عديدة حتى ادرك الفرد بها أن الفرق بين إنسان مثقف وآخر يجهل هو مثل الفرق بين آلة قديمة تعمل باليد .. وآلة حديثة تبرمجها لتعمل بنظام دقيقة فتقف امامها بإحترام بالرغم أنها من صنع الحديد.. إنها الثقافة والتي لاغني عنها بين  تؤم الغذاء لشبع البطون والروح.

أين موقع شبابنا اليوم من الثقافة .. ؟؟ وهل أخفقت الجهات المعنية في تثقيف الشباب ؟؟ وماذا عن الجمعيات والنوادي والمراكز الثقافية والتي تولت مهمة المجتمع المدني وكان الإفتراض أن يكون الجزء الأكبر من عملها تثقيف الشباب .. وهل الأجواء الفضائية التي أقتحمت جيبونا ومنازلنا وسياراتنا ومكاتبنا ومواقعنا العامة كانت إيجابية لتثقيف الشباب أم حققت أهواء المتعة الفكرية والجسدية ؟؟.. وماذا كان نصيب الشباب من التفقه في امورهم الدينية لينتهجوا السلوك في حياتهم اليومية في تعامل راق وإحترام الأنظمة والرقي في التخاطب والحديث .

إن المدراس والجامعات هي تعليم وتنوير ولكنها ليست الأساس الهام في التثقيف إنما هي طريق تفتحه لمن يرغب أن يصعد بفكره ليكون مثقفا بمجالات عديدة يختارها لنفسه ويساهم بها .. وعندما نتحدث عن المدراس  فإن السلطة الرابعة وهي  وسائل الإعلام لا تبعد كثيرا عن تنوير المتابع لها ولكنها لا تشفي المطلع نظرا لأن كل البرامج محددة الوقت فيصبح موضوع الثقافة مختصرالمواضيع التي تعرضها بعكس الكتاب والذي يعطي تفصيلا دقيقا بصفحاته العديدة .

لقد أنشأت كل دوله العديد من المؤسسات والنوادي الأدبية والمراكز الثقافية .. والجمعيات المتنوعة .. وبالرغم أن هذه الجهات  مهمتها التثقيف المباشر ولكن الإخفاق بتثقيف الشباب جعل الثقافة نفسها تنتحر  في هذه المواقع لأسباب عديدة مثل الصحوبية والألفة والصداقة وإختيار محدد لأناس تهواهم النفس وإستبعاد  آخرين لأنهم يكشفون الحقيقة .. وقد يعتقد البعض أن اللوم كله يقع على هذه الجهات بينما اللوم في المقام الأول يقع على الوزير الذي تتبع له هذه الجهة .. ثم يأتي اللوم على المثقفين الذين تركوا هؤلاء العاملين يصولون ويجولون دون أن تتم مسائلتهم إلى أين أنتم وما هي نتائج التثقيف .؟؟!!

إن الأمر بات خطيرا أن تكون لدينا مجموعات كبيرة من المواقع التثقيقفة ولديها بلايين من الريالات في ميزنيتها السنوية والهدف هو التثقيف والتوعية بينما نجد أن الشباب لايزالوا في نفس الفكر الذي تخرجوا منه سواء من المدارس أو الجامعات عدا الفئة القليلة والتي تطورت بسبب  رغبة اسرتهم أو المحيطين بهم .


طلال عبدالمحسن النزهة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدني مروركم وتعليقاتكم الرائعه