الثلاثاء، 13 فبراير 2018

من تتزوجني ؟


أحمد صالح حلبي
لأول مرة أخرج من داري متجها لمكتبي، فلا أجد مطبا صناعيا أو حفرة تتوسط شارعا رئيسيا أو حتى فرعيا، وغاب الرصيف المكسور وظهرت الخضرة والأشجار والورود، حتى النفايات التي أعدت على مشاهدتها ملقاة بجوار صندوق النفايات لم يعد لها وجود، وأصبح الجميع يلتزم بالنظافة العامة، وزاد إعجابي انتظام الحركة المرورية وغياب الاختناقات التي نشكو منها، وسررت حينما رأيت الجميع ملتزما بأنظمة المرور فلا قطع للإشارة المرورية رغم غياب كاميرات “ساهر”، ولم أعد أرى وقوفا مزدوجا أو سرعة جنونية، حتى مستشفياتنا برز اهتمامها بالمرضى لدرجة الدلال، وبات العلاج متوفرا بالصيدليات الحكومية وبكميات كبيرة تفوق الحاجة، وغابت طوابير الانتظار أمام العيادات، كما غابت الوساطات للحصول على العلاج، وأصبح التحويل من المركز الصحي للمستشفى يتم آليا، أما المواعيد فلا تتجاوز الساعات !
ولا أعرف كيف ومتى حدثت هذه النقلة الكبرى في الخدمات، لكنني عرفت متأخرا أن المجتمع قد خلا من كافة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية حتى الرياضية وغاب التعصب الرياضي، ولم يعد أمام المجتمع من مشكلة تؤرقه سوى مشكلة تعدد الزوجات، وباتت هذه المشكلة في طريقها للحل بعد أن بدأت القنوات الفضائية تحكي بطولات التعدد وتعد خططا لتنفيذه، حتى وصلت الأفكار والرؤى لفتح أكاديميات لتعليم الشباب التعدد، مع منح المتخرج ثلاث زوجات والرابعة مجانا.
ومع إيقاعات العصر أصبحت دعوات التعدد والمطالبة بها تنطلق من النساء بدلا عن الرجال، وبرزت الأكاديمية التي لا تدعو للتعدد بل تعمل على توفير برامج تعليمية له تعادل “ستار أكاديمي” التي تدعو للانحلال ويفخر بها البعض.
وهل بات التعدد يعتمد على شهادة تخرج من أكاديمية ؟
إن كان كذلك فماهي شروط الالتحاق بالأكاديمية ؟
وهل يشترط حصول المتقدم للأكاديمية على الثانوية العامة، وماهي النسبة المحددة للقبول ؟
وهل سيخضع المتقدم لاختبار تحريري ومقابلة شخصية ؟
وهل أجد من تتزوجني بعد تخرجي من الأكاديمية أم سيكون حالي كحال خريجي الجامعات الباحثون عن وظائف ؟
إن ما يؤسف عليه أن البعض بات يتحدث عن التعدد كحل أمثل لمشاكلنا، متناسين أن له شروطا يجب الالتزام بها، وأولها العدل والمساواة بين الزوجات والقدرة المالية والجسدية.
وما أرجوه أن نتحدث بلغة العقل وندرك أن التعدد لا يعني تعدد الزوجات وكثرة الأبناء وغياب العدل والمساواة وبعد الأبناء، فكلمة تعدد ليست حروفا تدون أو كلمة تنطق فهي كلمة قوية في حجمها، وبإمكانها أن تبني بيتا قويا متماسكا، وبمقدورها أن تفكك أسرة وتشرد أبناء.
وسؤالي لمطالبات التعدد من النساء هل تقبلن أن يعدد زوجك أو والدك ؟
إن كنت موافقة قولا فأتمنى أن يكون فعلا، وبرحابة صدر وابتسامة صادقة صادرة من القلب، دون الإساءة للأخريات، وحينها سأكون أول من يقف بجوارك داعما لفكرتك، أما إن كان قبولك عابرا، وسرعان ما نسمعك ترددي قائلة: “زوجي تزوج وحدة لا وجه ولا قفى أنا أحلى منها، أو تزوج نحيفة مسلوعة، أو سمينة برميل”، فمثل هذه الكلمات تخالف دعوتك للتعدد، ياعزيزتي.