الخميس، 1 يناير 2015

لتعزيز مفهوم (اخطب لبنتك)




لتعزيز مفهوم (اخطب لبنتك) علينا أن ندرك ونعي أهمية هذا الأمر للفتاة التي تعيش أسوأ اللحظات وأشد الأزمات النفسية في مرحلة عمرية تجاوزت فيها سن الزواج وليس كما يطلق عليها في الوقت الحالي العنوسة - هذا المصطلح لا أحب استخدامه بالرغم من أنه لفظ أطلق على الجنسين - ولكن أبى بنو قومي الاعتراف بها. أسهم فيها المجتمع والإعلام وأولياء الأمور، وإن كانت في الأساس قسمة ونصيبا، ولكن غدت ظاهرة اجتماعية كالوباء قابلة للانتشار والتنامي، والإحصاءات تشير إلى أن نحو 4 ملايين تعدين سن الزواج! 
أرقام فلكية ستدفع بهن إلى الهاوية، وتتحول إلى كارثة تؤرق المجتمع والأسر بصفة خاصة، فلا بد من استقصاء هذا المرض وتجفيف المنابع التي تمده بالقوة،
 ومعالجته في الوقت المناسب وبالعلاج المناسب.
وفي ذات السياق لا ننكر أن ماهية الزواج التقليدي بواسطة تعارف الأهل أفضل ومقبول نفسيا واجتماعيا، ولكن في ظل طغيان الوضع الحالي بسبب أو بدون من انتشار التعليم والتوسع فيه وطول مدته وغياب ثقافة الجمع بين الدراسة وتكوين الأسرة إلى جانب ارتفاع المهور والعزلة بسبب التقنيات أصبحنا مجتمعات شبه مغلقة بوفرة الرفاهية الموجودة والاكتفاء بالأجواء المحيطة لدرجة التشبع.
سأتحدث عن الأسباب والمسببات مع محاولة إيجاد المخرج إذا تضامن معي المجتمع وتقبل أنصاف الحلول وصياغتها بدءا بالخطّابة وأهمية دورها كوسيلة تعارف في زمن قل التواصل فيه بين الأسر، إضافة إلى إقدام ولي أمر الفتاة بعرضها لمن يتوسم فيه الخير، رغم أن مجتمعنا الشرقي لا يتقبل الوضع نهائيا بل يعده أمرا مستهجنا وغير مقبول بتاتا، ولكن يكون الأمر بطريقة دبلوماسية وغير مباشرة حتى لا يفقد هيبته ولا يستهين به زوج ابنته.
ولو رجعنا إلى الوراء لزمن النقاء نجد السيدة خديجة رضي الله عنها عرضت نفسها على الرسول صلى الله عليه وسلم، ونبي الله شعيب عرض إحدى ابنتيه وذلك على سبيل المثال لا الحصر، وكان ذلك بناء على رغبة ابنته حين أرادت الزواج، فتأخر زواج الفتاة يقلل من قيمتها الاجتماعية على الرغم من نجاحها في دراستها، وحياتها العملية سنة فطرية لا غبار عليها.
قد تتلاشى نسبة العزوف بمساهمة المجتمع بتذليل العقبات وتخفيض تكاليف الزواج علاوة على الأعباء الاقتصادية قبل وبعد، وقبول فكرة التعدد اجتماعيا إلى جانب تشجيع الحكومة للمتزوجين ودعم المؤسسات الخيرية عينيا لغير القادرين وإنشاء مؤسسات رسمية تابعة لوزارة التنمية الاجتماعية، إضافة إلى زيادة التكافل بين الأفراد والمساهمة في الزواجات الجماعية.
دور الخطّابة وولي الأمر من وجهة نظري قد يكون صحيحا ومطلوبا إذا تم بشكل ديني مدروس ومتقن، لأهميته في منع التعارف غير الشرعي، ولا ننسى أننا في زمن اللا شرعية المطلقة، وهذا يحد مـن توغل المعصية، وحل لمشكلة العزوف التي استفحلت بين الجنسين، نحن الآن بحاجة لهذا الدور أكثر من أي وقت مضى.
أيها السادة اخلعوا الأقنعة! فتخطي الحواجز الاجتماعية السلبية يحل المشكلة بأسرها، لا للتعصب القبلي الذي يعد سببا رئيسا لعدم تقبل الرأي الآخر، يجب أن نرتقي لنلامس كبد الحقيقة ولا بد من تكاتف الجهود من مجتمع ومدرسة 

ومسجد لإزالة تلك النعرات.
فهل نجد الآن من يتصدى لتلك الظاهرة ويواجهها بهذه السنة الغائبة والمستغربة عند كثير من الناس؟ فلا مانع شرعا من خطبة المرأة للرجل ومن مبادرة ولي الأمر، ليس باجتهادي وإنما إحياء لسنة نبوية ونهج معلم البشرية عليه أفضل الصلاة والسلام تلميحا كان أو تصريحا.