السبت، 3 أغسطس 2013

دمعت عيني وبكى قلبي فرحًا!


سوف أبدأ معكم بالمثل الشائع دموع الفرح، وهذا ما يحدث معي مرارًا كلما دمعت عيني وبكى قلبي فرحًا في ثلاث مواقف شاهدتها بعيني وسمعتها أذني وكل جوارحي ورقت لها أحاسيسي.

الموقف الأول: كنت مع صاحب فاضل أمشي معه في الحي الذي ولدت فيه وتربيت فيه حي العتيبية بمكة المكرمة، وإذا بصاحبي يقابل امرأة عجوز فقيرة ليست من سكان الحي يتصدق عليها بالمال، ثم يبدأ في تقبيل رأسها ويدها؛ ما جعلني أتعجب كثيرًا وازداد إعجابي عندما يمازحها بكلمات جعلتها تضحك، وكان يرجوها ألا تقطع زيارتها من الحي.. عندها قلت: ممكن تفهمني ما فعلته لم أر أحدًا مثلك يقوم بما قمت به، قال: أبشر.. لكن أريد قلبك قبل أذنك، فقلت: نعم، وأبشر، قال هذه المرأة العجوز تكرمني كثيرًا؛ فتسارعت في سؤالي: كيف؟!، فقال: يا فؤاد هل تعلم فضل الصدقة؟، قلت: نعم، قال: طيب لو أشتريت شيئًا ما لنفسك أو لبيتك هل تأخذه معك في أخرتك في قبرك، قلت: بالطبع  لا، وأكيد لا!، فقال: ممتاز سهلت علي كثيرًا، طيب لقد قبلت صدقتي وهي فرحة فأكرمتني فيما أخذه معي إلى أخرتي وهذا الباقي، وتقبلت مزاحي معها لكي أدخل عليها الفرح لقد أكرمتني في نيل الأجر والثواب من الله إن شاء الله، قلت: نعم، وأكيد عندها دمعت عيني وبكى قلبي فرحًا.

الموقف الثاني: قمت بزيارة صديق فاضل في الحي الذي يسكن فيه، وأثناء حديثنا مر رجل عمره تقريبًا ستين عامًا  رد السلام علينا فردينا عليه، وقال صديقي: حياك الله عم محمد، ثم قال لصديقي: هذا صديقك منور الحي، فقلت له: نور الله حياتك وأخرتك وقبرك، ففرح كثيرًا من دعائي له عندها أصر على صديقي وعلي بتشريفه بزيارته، فاعتذرنا سويًا وقبل أن يذهب دعا بدعاء طيب الله ينور قلبكما وحياتكما ويصلح ذريتكما ويوفقهم الله في دراستهم, قلت: من هذا عم محمد، فقال: هو من أهل الحي القديمين تعرف أن كل رجال وأطفال وشباب الحي يقولون عم محمد تقديرًا واحترامًا، فقلت: هل غني.. أقصد غني بالمال، فضحك صديقي قائلاً: مما ترى أن البعض يقولون عم فلان لأنه غني بالمال الكثير، قلت: بكل واقع أنت تعرفه، فقال: نعم، بل هناك من يبالغ في القول ويقول الشيخ فلان!.

قلت: تشوقت أن أسمع المزيد عن عم محمد، قال: لكن بمختصر، قلت: نعم، قال: عم محمد يسلم على الكبير والصغير، ويحترم الصغير والكبير ومتواجد في أفراحنا وأحزاننا ليس في الحضور بل في الخدمة والكلام المعسول الطيب وما تعلق مشكلة في الحي تجده يسعى قصارى جهده لإنهاء المشكلة؛ وحتى إن كانت مالية كيف مالية موفق سبحان الله يذهب ويخفض الدين أو يؤخر السداد بل يكفل.. استغربت، فقلت: سبحان الله، وبعد تجولنا في الحي، فقال: هذه عربة عم محمد مازدا موديل (88) وبعدها منزل عم محمد بيت شعبي لكن سبحان الله أحسست أنه منزل سعادة, والغريب جدًا يتضايق عم محمد إذا لم يجد أحدًا يتصدق عليه، بل ذكر صديقي يقول: شاهدت عم محمد وعيونه تدمع لأنه لم يتصدق اليوم عندها دمعت عيني وبكى قلبي فرحًا، ويقول صديقي إنه دائمًا يحمل في جيبه ريالات يتصدق بها على المحتاجين أو يشتري حلويات للأطفال.

الموقف الثالث: قبل أذان صلاة العصر ذهبت المسجد لتشغيل مكيفات الهواء، وذلك لتبريد المسجد على المصلين السبب صلاة الظهر كان المسجد ليس باردًا على المصلين.. المفاجأة وجدت رجلًا كبيرًا في السن كان يكنس وينظف المسجد وفي جيبه الأيمن قطعة قماش لمسح وإزالة الغبار من المصاحف والجيب الأيسر قارورة عطر يسكب منها في أماكن سجود المصلين, ولا أحد يفكر لماذا لم تطلب مساعدته لقد طلبت منه رفض ودمعت عيناه، قائلاً: لا يا ولدي هذا العمل يسعدني كثيرًا ولا أحب أحدًا يأخذ مني هذا العمل.. عندها دمعت عيني وبكى قلبي فرحًا, كم هؤلاء عظماء في أخلاقهم السامية وأعمالهم جلية ووجوههم منورة.

أسأل الله أن يكثر أمثالهم, وأسال الله أن يوفقنا جميعًا وذريتنا في حسن الأخلاق والأعمال الطيبة.

أسال الله بكرمه وجوده ومنه وفضله أن يكرمنا جميعًا بليلة الـقـدر في قيامها إيمانًا واحتسابًا اللهم آمين.

بقلم : فؤاد تنكر