الخميس، 19 نوفمبر 2015

الوزارة تعاقب المطوفين بالرسملة

الكاتب أحمد حلبي

لم نتوقع يوما  أن تلجأ وزارة الحج كجهة حكومية أنشئت لخدمة حجاج بيت الله الحرام ، والحفاظ على حقوق المواطنين الى تطبيق نظام التهديد والوعيد بحق المطوفين والمطوفات ، وتحويلهم من شخصيات اعتبارية لها حقوقها وواجباتها الى أرقام مدونة بسجلات ، تخضع لتنفيذ مايطلب منها دون نقاش أو حوار ، معيدة بذلك أساليب وأنظمة عصر الغاب الذي ساد فيه القوي وضاع فيه حق الضعيف .
وان كانت الوزارة قد  لجأت مع نهاية موسم حج العام الماضي 1436 هـ الى مطالبة مجالس ادارات مؤسسات الطوافة بعدم صرف الدفعة الأولى من مستحقات المطوفين إلا بعد اقرار نظام الرسملة ، الذي تسعى الوزارة لتطبيقه اجباريا على الجميع بقوتها  ، دون طرحه للنقاش أو منح المطوفين والمطوفات حق الاطلاع عليه ومعرفة مضامينه وتجاهلهم ، فان هذا الأسلوب لا يقبله دين ولا عقل ، لأنه ليس من حق الوزارة أن تسعى للإضرار بالآخرين .
وان كانت تسعى لتطبيق نظامها الجديد فلا يكون ذلك إلا وفقا لنظم وإجراءات أقرتها أنظمة الدولة وأوضحها النظام الأساسي للحكم ، والمطوفون والمطوفات مواطنون لهم حقوق وعليهم واجبات ، وحقهم  مضمون وفق النظام الأساسي للحكم .
أما أن تلجأ الوزارة لوضعهم  أمام  خياران اما الرضوخ لنظام الرسلمة أو عدم صرف مستحقاتهم المالية ، فهذا ما يعني في مضمونه سلب لحق مشروع للمواطنين ، وهو ما ترفضه قيادتنا الرشيدة ، التي ساوت بين المواطنين ومنحتهم حقوقهم وأوضحت واجباتهم .
والمؤسف أن رؤساء وأعضاء مجالس الادارات الذين تغنوا ابان الحملات الانتخابية بحرصهم على حقوق المطوفين والمطوفات ، التزموا الصمت واستسلموا لمطلب الوزارة سريعا ، ولم يبدوا رأيهم صراحة لأنهم خشوا أن تتم اقالتهم ان هم أبدوا رأيهم صراحة ، وهو ما جعلهم يبتعدون عن ابدأ وجهة نظرهم .
وهنا ينبغي القول بأن تطبيق نظام الرسلمة الذي تسعى الوزارة لتطبيقه يخضع لإجراءات ونظم وموافقات عليا ، ولا ينبغي أن يربط به مصير صرف مستحقات المطوفين والمطوفات ، لأن هذه المستحقات حقوق مشروعة ، وهو ما يعني أنه ليس من حق الوزارة وفقا للنظام الاساسي للحكم أن تسعى للإضرار  بالآخرين ، وان كان لديها ـ أي وزارة الحج ـ نظام تسعى لفرضه فلا يكون ذلك  بقوة السيف ، لأن المطوفون والمطوفات مواطنون لهم حقوق وعليهم واجبات   .
وان ظن  البعض من مسئولي الوزارة  أن في اتخاذ مثل هذا الاجراء اذلال للمطوفين والمطوفات ، فهنا أقول بأن المطوفين والمطوفات ، هم أبناء أسر كريمة من أقدس بقاع العالم ، ويكفي أن الله أكرهم دون سواهم بخدمة ضيوف بيته الحرام .
والمطوفون وان كانت أعدادهم قليلة  فلم يكونوا يوما ضعفاء راضخين لمطالب وأهواء الوزارة وبعض مسئوليها ، ومجبرين على تنفيذ مطالبهم دون نقاش أو حوار ، فهم أصحاب فكر ورأي ومكانة بالمجتمع ، ولا يمكن أن يتحولوا الى دمى تسير كما يشتهي الآخرون .
فهل تصر وزارة الحج على موقفها وتحول المطوفين والمطوفات من شخصيات اعتبارية ، الى دمى تتحرك وفقا لأهواء مسئوليها ؟

وإجابتي تقول لن تستطيع الوزارة أن تحول شخص اعتباري الى دمية تتحرك كما يريد ، والمطوف لم يكن يوما دمية يقذفها هذا أو ذاك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدني مروركم وتعليقاتكم الرائعه