الأربعاء، 21 نوفمبر 2012

هز .. وجز!


وسط أجواء استمرار مسلسل العنف ضد الأبناء ؛ فبكل صراحة لم يلفت نظري كثيراً مشهد وفاة الطفلة ذات الخمس سنوات ؛ لا لكونه أمر طبيعي ؛ إنما لأنه وبكل بساطة ليس الأول في حلقات هذا المسلسل , ولن يكون الأخير والأبشع ! ومع ذلك قد تحمل لنا الأيام - تحقيقاً لا تعليقاً - ما هو أدهى وأمر ؛ لكن ما لفت نظري وجعلني أتوقف كثيراً هو ما تناقلته الصحف عن الحكم الصادر من محكمة إيرلندية تجاه سعودي بالسجن ثلاث سنوات مع التوقع بترحيله للسعودية , ومنعه من دخول أراضيها مرة أخرى . في توقعي أن من لم يسمع بالخبر سيتصور أنه قتل ابنه , أو أحرقه بالنار , أو جز رأسه وألقى به في حاوية , لكن المذهل أنه لم يحصل شيء من هذا إنما الجرم الذي حصل أن صاحبنا قد هز ابنه الرضيع بعنف , أتمنى أن تستوعبوا الحكم , وسبب الحكم لأنه لا يصدق ؛ وحق لنا ألا نصدق وواقعنا يصدمنا بين فينة , وأخرى بحوادث لا يُزيل ذهولها إلا حوادث مثلها , أو أشد شناعة منها , ومع ذلك لم نسمع أي حكم , أو عقوبة إنما تتكفل الأيام بمعالجة ألم الفاجعة , وطمس معالم الحقيقة بأكسير النسيان , والتجاهل الذي ركنا إليه كثيراً , ولم تقض مضاجعنا كل هذه الحوادث ,
 والصيحات التي لا تجد لها سامعاً .
أعرف أن حادثة الطفلة قد فتحت مجالاً كبيراً لتصفية الحسابات , وقد تكون فرصة العمر للهمز واللمز ؛ لكن هل هناك تحرك جاد من أجل الطفولة ؛ والطفولة فقط , لإيجاد أنظمة تمنع تكرار مثل هذه الحادثة , وهذا هو الأهم , أما أن نستمر في لوم الجلاد , والبكاء على الضحية كالعادة , وهو الأسلوب الذي أثبتت الحوادث أنه لا يقدم للأطفال أي خدمة فلا يمكن أن يعيد من كان منهم مفقوداً , 
ولا يؤمن الحماية لمن كان معذبا موجوداً..
ووسط هذه الأجواء المأساوية والدماء الطاهرة الزكية
 التي تراق ها هنا وهناك هل سألنا
أنفسنا عن الشرارة الأولى لمثل هذه الحوادث ؟
وهل سألنا أنفسنا من هو الذي سلم الضحية للجلاد , ونام قرير العين ؟
وهل القاتل هو الوحيد الذي يجب أن يحاسب في هذه القضية ؟ أم أن هناك أطراف أخرى لا بد أن تحاسب مهما كانت , حتى لا تكون حياة الأطفال قضية ثانوية , ومعاملة يُنتهى منها ليُذهبَ لغيرها .
حقيقة ما يمارس تجاه الأطفال , والطفولة أمر يندى له جبين الحس الإنساني ؛ فكيف يحصل هذا ويتكرر في مشاهد يتفنن الجلاد في تنويعها , وتعاني الضحية من قسوتها ويكتفي المجتمع والمسؤول بدور المشاهد , أو المتباكي بدون دموع
 والمتوجع بدون ألم ...
ومع الأسف أن مثل هذه الحوادث قد تم إيجاد شماعة خاصة لها بعنوان : المرض النفسي وهو البند الذي لم يعد صالحاً إلا للاستهلاك المحلي ..
ومع كل هذا يبقى السؤال الذي لو نطقت به كل ضحية من ضحايا العنف لقالت : هل هناك مبرر يجعلنا نتحمل أخطاء غيرنا , أو أمراضهم , وظروفهم النفسية . ونكون ضحايا لتصرفات لا تمت للآدمية بصلة ... ؟
أتمنى ألا تستمر مثل هذه الحوادث , وأن يتم الإعلان عن قوانين , وإجراءات حازمة يعرفها كل من تسول له نفسه أن يتصرف بطيش , ولو في لحظة غضب ...
بقلم / عبدالعزيز الغانمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدني مروركم وتعليقاتكم الرائعه