الاثنين، 8 أكتوبر 2012

هل الراحة في الهروب

اتصلت إحدى السيدات تشتكي من كثرة خروج زوجها من المنزل وتذرُعه بأي سبب للخروج ،وإلقاء المسؤولية عليها في كل الأمور...
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
هذا الاتصال جعلني أفكر في موضوع الهروب بشكل عام.

ما الذي يجعل الناس تهرب من شئ ما أو أمر ما أو وضع ما؟ بالتأكيد سيكون الجواب المرضي للأذهان وللمنطق هو أن من يهرب،مجرد شخص لا يقوى على المواجهة أو يخشى الفشل أو أن تواجده وسط هذا المحيط مُحبط له ويسبب له الضيق...

وبالفعل حين استعرضت القصص التي أعرفها وتُعرض علي باستمرار،وحين رجعت إلى كثير من المراجع؛وجدت أن الأسباب الآنفة لها نصيب كبير في إيجاد هذا السلوك وهو الهروب،وهذا لا يعني أنه لا يوجد أسباب أخرى، نستطيع أن نقول تعددت الأسباب والهروب واحد!!

قد يمر أحدهم بتجربة شخصية يعيشها هو أو أحد أفراد أسرته دون أن يعي بأنها هروب.قد يعالج أحدهم مشكلة الهروب بعفوية وبشكل صحيح دون دراية أو دراسة فلا تطول فترة الهروب،ولا يخفى على الحكماء بأن كل هروب له سبب يختلف عن الآخر. ومن الأمثلة على الهروب:

- هروب أحد الزوجين؛كالمثال الذي أوردته عن المتصلة في بداية المقال، وسببه عدم راحة الهارب من التواجد في المنزل،وقد يمتد الهروب لعدم رغبة طرف من الطرفين في الاجتماع بالآخر حتى خارج نطاق المنزل!! وهنا يظهر بأن السبب ليس المنزل والتزاماته أو المسؤولية؛بل عدم تقبل أحدهما للآخر.

- تأجيل الأعمال؛يعد هروبا من نوع آخر،وسببه ضعف الهمة وعدم حب ما نقوم به من أعمال،أو عدم وجود دعم ومساندة لنا.

- عدم مواجهة أي أمر وعدم القدرة على التأقلم يعد هروبا،وقد ساهمت بعض الأسر في تكريس هذا المفهوم لدى أبنائها،فالطفل الذي يكره أو يرفض شيئا واحدا في مدرسته ويطلب من أسرته أن تنقله إلى مدرسة أخرى،يُلبى طلبه فورا بدلا من أن يُطلب منه المواجهة والتأقلم مع الوضع،والنظر إلى بقية الأشياء الإيجابية في المدرسة.

- السلوكيات المشينة التي يقوم بها بعض الشباب ماهي إلا هروب من واقعهم أو محاولة إيجاد ميدان جديد يلفتوا من خلاله الأنظار نحوهم،كالتفحيط والصرعات الغريبة في اللبس وقص الشعر وطريقة المشي والحديث...

- التدين اللا منضبط؛قد يأتي كإحدى صور الهروب بسبب تعثر أحدهم في سير حياته،فيظن بأن هروبه من دروب الحياة والعمل والكفاح يكون بإدعاء التدين كي تسهل الأمور وتُزال العقبات من أمامه...

- حين يشاركك أحدهم ولو كان أخوك أو أختك خوفك على أبنائك واهتمامك بهم بطريقة مبالغة جداً،ويوجه النصح الدائم لك ولأبنائك،قد يكون ذلك هروبا من عدم قدرته على الاهتمام بأبنائه كما يجب وكما يحب!!

- حين تنصح إحداهن صديقتها أو قريبتها أو أختها،نصائح هي لا تطبقها!!قد يكون عدم قدرتها على تطبيق هذه النصائح هو الذي دفعها لتقديم النصح،تريد أن تجد نفسها عن طريق الآخرين.

- الهروب من الذات هو أشد أنواع الهروب غرابة،حيث تتم ممارسات يتنازع بها العقل والقلب،وستشعر بالمرارة إن هربت من قناعاتك مسايرةً لشهواتك، أو هربت من أفكارك وقيمك تحت وطأة العادة وضعف الهمة.

وفي الختام يجدر بنا أن نؤكد بأن كل عملية هروب من الممكن أن تنتهي بعودة الهارب بعد أن يعي الأمر ويستوعبه،ويعرف الطريقة السليمة للتعامل والدروب الصحيحة للتواصل مع الذات ومع الآخرين.

تيقن بأن كل مشكلة ولها حل عملي غير الهروب؛فحتى من يغويه الشيطان ويظن بأنه سيأوي إلى جبل يعصمه من الله،لو عاد وتاب فسيتوب الله عليه...

لا أحد يستطيع الهروب من الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدني مروركم وتعليقاتكم الرائعه