الأربعاء، 8 يناير 2014

العجوز الفائز بظل العرش بإذن الله


بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اما بعد ..
أحبتي في الله كثيرة هي القصص التي تتلهف لها القلوب فتكون نسائما ماتفتأ عن روائع الهبوب وقد حمل كتاب ربنا جل وعلا من القصص الكثير والكثير قصص الأنبياء وقصص الأمم السابقة صالحين وجبابرة هالكين لتكون قصصهم عبرة وتذكرة للمؤمنين .
وفي حاضرنا نتوق إلى القصص المفيدة فنسارع إلى الأجداد لنسمع منهم أجمل القصص بأسلوب رائع أخاذ وما أكثر ما استغل أعداء الدين هذا الفن فأنتجوا الأفلام وسطروا الرذائل بالأقلام فيأسروا قلوب الشباب والفتيات فيخدعوا بتلك المسلسلات والأفلام الهابطة والقصص التي تنسج السعادة الزائفة ...
قصتي هذه المرة ليست من نسج الخيال وليست من كتاب منقولة او مسموعة بل انها قصة من الواقع عايشتها ورأيت بطلها كتبتها بعد ان أذنت لي ابنة ذلك البطل وطلبتها ان اسطر انا على لسانها هذه القصة تتكلم عنه وانا أصوغ العبارات والجمل علي أوفق في كتابتها فالله ادعوه ان تنال استحسانكم ...
( رايته واراه كل يوم يتراقص قلبي فرحا وفي نفس الوقت يمتزق الما ليس عليه لا والله فما لمثله الالم او الحزن وانما لغيره وستعرفون لماذا وسأبدأ بسرد القصة ....
رجل عمره اليوم يزيد عن التسعين هذا الرجل أراد الله عز وجل ان يمد في عمره ليزيد من نور وجهه وصالح عمله ما أسرع تلك السنين التي مضت وما أجملها يوم ان تمضي في طاعة الرحمن ما أجملها يوم ان تذهب وهي مليئة بصيام وصلاة وعبادة للمنان .... نعم ان هذا الرجل احسبه والله حسيبه أفنى أجمل أيام شبابه في المسجد مع صلاة الجماعة ولعلي لن أكون مبالغه ان قلت انه فاز بظل العرش باذن الله اسال الله له ذلك اوليس نبينا الكريم عليه أتم الصلاة وأزكى التسليم قال (سبعة يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل الا ظله وذكر منها رجل قلبه معلق بالمساجد ) كنت اقرا واحفظ هذا الحديث واقول في نفسي معقول يكون تعلق بهذه الدرجة ؟؟ حتى رأيت بنفسي حال هذا الرجل كنت طفلة العب معه وامرح فكم كان وما يزال ابا حنونا عطوفا اراه ينهض من نومه العميق لذهب مسرعا يلبي النداء للصلاة لا ينظر إلي وانا أحب اليه ولا يعبا بي ولا لندائي له لان هناك نداء اعظم واجل نداء خالق الاكوان جل وعلا ويعلو الاذان وما ان ينتهي حتى اجده ذهب ويعود بابتسامه مشرقه ياخذني بين ذراعيه ويلاعبني قائما بشؤون اسرته مراعيا لرعيته اذهب معه للنزهه وأول ما يبحث عنه في المكان المسجد مستحيل ان يجلسنا في مكان بعيد عن المسجد او ليس به مسجد كثيرا ما كنت اتشاجر معه فهو ابي واخي كنت اغضب لاني اريد مكانا به الالعاب وهو يرفض بشده لان ليس به مسجد وكانه يقول لي بنيتي لن اقبل مساومة على صلاة الجماعة مهما كان حبي لك .... نجلس ويمر بنا الوقت واسمع الأذان واذا بي اركب السيارة وانا لم اخذ كفايتي بعد من جمال المكان فنذهب ونصلي ثم نعود وكأني ارى المكان غير المكان كاني اراه أجمل وأروع مما كان ...وما اكثر من يضيعون الصلاة ويتهاونون بها لاجل الاستمتاع في النزهات الا من رحم الله كم كنت افتخر به في طفولتي فانا ابنة الامام الجميع ممن يعرفوننا ينظرون لي بنظرات التقدير والاحترام فانا بنت الامام وهذا يبرر لي شيئا من الشقاوة والمشاكسة طفولة جميلة كنت امضي ايامها وانا بين ذراعي والدي اطال الله عمره اراه ياتي بعد صلاة الفجر ليزعجني بالاضاءة وقراءة القران وينغص علي نومي وما أجمله من تنغيص وماهي الا دقائق واذا بالماء البارد يصب على راسي فاقفز من سريري غاضبة امام ضحكات والدي الذي تعب من إيقاظي للصلاة بكل الفاظ الدلال وأحلاها حتى يئس فاحضر الماء فاقوم واصلي مجرد حركات من طفلة متمردة عنيده حجتها ان الصلاة لم تفرض عليها فقط واسارع للنوم لأسمع كلمات اللوم والعتاب من والدي لاني لم اقرا شيئا من القران واظل اسمعه يقرا ويرتل واقول في نفسي ترى الا يمل من القراءة الا يشتهي النوم مثلي ؟؟؟ ما كنت اعلم انه يشتهي ماهو أحلا وألذ من النوم يشتهي جنة عرضها السموات والأرض تنتظره ...
كنت المدللة لكن ليس على حساب الصلاة يوم ان كنت احاول جاهده ان اقنع والدي بالمكان الذي اريده في ذهابنا للنزهة كنت اعجب من نصائحه وكانه يرجوني بكلماته يوم ان كان ينصحني ان نجلس في مكان يكون فيه مسجد فكنت اقول له ان نصلي كلنا جماعه معه فكان يقول لا يا بنيتي لا تكافئيني على استجابتي لك بالنزهه بحرماني من صلاة الجماعة نصلي أولا ثم نذهب الى اي مكان تريديه كان كلامه مليئ بالإيمان ملامحه تضيئ بنورها يكلمني بحنان وليس بقسوة او إصدار للأوامر كان بامكانه ان يقول انا والدك وأريد المسجد بلهجه قاسية فيها من الأوامر والزجر لكنه الأب الرحيم الحنون المربي الذي اراد ان يحببني في هذا الدين وفي الصلاة ... وهذا الأسلوب للأسف كثيرا ما نفتقده لا من رحم الله كثيرا ما نجد في زماننا ما يسمى بالالتزام الأجوف الذي سرعان ما ينتكس أصحابه الا من رحم الله فيلتزم الابناء اما لان والديهم او احدهما دعاة او ملتزمين مجرد تقليد عن غير اقتناع او حب فتكون النتيجة انتكاسة عند أول محك والعياذ بالله ....فنجد الوالدين يجبرون الابن او الابنه على التحفيظ مخافة اللوم او النقد من المجتمع كون ان الأم داعية او الاب طالب علم مثلا او امام او في اي مجال من مجالات الدعوة فيخجلون ان يكونوا ابنائهم على غير ماهم عليه فيأتي الإجبار لتكون النتيجة تمرد وانهيار الا من رحم الله ...
وتمضي السنين ويبدا في مرحلة كبر الشيخوخة وتبدا الالام الام ركبتيه التى لطالما اتعب مفاصلها في الركوع والسجود الى ان تاكلت ويحتمل الالم ويقاوم ويذهب للمسجد ويزيد الالم فيمسك بالعصا لتعينه على تلبية النداء في المسجد وتزيد الالام ليتنحى عن الامامه في الصلاة لانه أصبح يصلي قاعدا على الكرسي وكم هو الالم في قلبه لكنه يخفيه ويواسيه في ذلك انه مايزال في المسجد فلا فرق ان كان اماما او ماموما فاااان للفارس ان يترجل فكم من سنوات قضاها اماما يصلي بالناس يدعو في التراويح فيهز قلوب المصلين ويجري مدامعهم وتنطلق دعواتهم له احبه الأطفال قبل الكبار فيه تواضع عجيب وبساطه ولا تفارق محياه البشاشه .
يوم ان كان يرى إهمالي في الصلاة كان ينصحني ويقول لي ان الصلاة مفتاح الرزق ويحكي لي عن ايام عاشها في فقر وتعب وشقاء وماان وسع الله عليه ورزقه من فضله واخوته لما كبروا في السن وتقدم بهم العمر ماكان ذلك الا بعد فضل الله ثم حفاظهم على الصلاة في الجماعة وقد قالها ربي جل وعلا في كتابه ورتلها لي والدي مرارا وتكرارا ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ) كان اكسل واحد من العائلة يدرك الركعة الأخيرة وهذا في نظرنا اكسل واحد ومهمل سبحان الله اذن في زماننا ماذا يسمى من لا يصلي اصلا ؟؟؟ ويضعف ذاك الجسد ويجري عمليه في ركبتيه لا لشئء سوى ان يرجع يصلي قائما كما كان فكم وكم يشعر بالحزن لانه لا يستطيع ان يقف على قدميه راضيا بقضاء ربه متمسكا بالامل ويقول لي غدا باذن الله ارجع أصلي بكم الصلوات والتراويح فتنهمر دموعي حبا وحنانا على ذاك الوالد الذي مافتئ يسقيني من كاس الحب لهذا الدين وللصلاة لم يضربني في يوم من الأيام برغم شقاوتي بل كان يحميني من قسوة أمي واهرب اليه لم يضربني سوى لأجل الصلاة أتذكر أول (كف ) أخذته على وجهي يوم ان ايقظني لصلاة الفجر كعادته وكنت من صاحبات الأعذار سقطت عني الصلاة لكن خجلي وحيائي منعاني من مصارحة والدي فما كان مني سوى ان استيقظت وذهبت اغسل وجهي ثم ذهبت للمطبخ في محاولة لتمضية الوقت حتى يذهب ابي للنوم ولم اكن اعلم انه يتابعني سبحان الله كلما تذكرت الموقف تعجبت وكأنه استاذا في التربية لم يكتفي ان يوقظني بل يتابعني عن بعد فيكتشف امري بفراسته وذكائه ليعرف اني كذبت عليه ولم أصلي فيغضب ويثور ويضربني على وجهي فاحس بالظلم الذي أنساني الم الضربة فاصرخ لأوضح له عذري واجري لغرفتي باكية اخذني الدلال الذي غمرني فيه لاجهش في البكاء لافاجا ظهر ذلك اليوم باعتذاره ونحن على الغداء ؟؟؟؟ معقول اب يعتذر ويطلب السماح من ابنته المراهقة ؟؟؟ نعم والله ليس بمستغرب على اب رحيم حنون يحمل في جنباته قلبا ينبض حبا ورحمة قالها (سامحيني يابنيتي ولا حياء في الدين لو اخبرتيني بعذرك ماكنت ضربتك ظننتك تكذبين وانا اسامح في كل شئ الا الصلاة ) الله اكبر علمني بضربه قيمة هذا الدين وكيف اني لا اقبل اي مساومة عليه ولا ابيع ديني ولا بكنوز الدنيا وفرضا واحدا من صلاتي يسوى الدنيا باسرها
وعلمني باعتذاره درسا في الاعتراف بالخطا وعدم المكابرة مع انه اب ويحق له ان يكابر ويكتفي بالاعتذار لكنه والله ماتركني الا وانا اضحك وما فتئ يستمر بطلب السماح وانا أماطل في دلال الطفولة وقلبي يقفز فرحا بودي ان اقبل قدميه قبل رأسه .
كنا في رمضان نعيش أجمل أيامنا كان لا يجلس على الطعام الا ويده ممسكه بي وانا التي كنت أماطل وأتأخر بالمطبخ حتى أضيع الوقت لكن اين المفر من اب ذكي متابع لا تنطلي عليه مشاغباتي فيمسكني مع يدي لنجلس ندعو عند الإفطار فاللصائم دعوة مستجابة عند فطره كما ورد في الحديث ... علمني ان أتذوق روحانية هذا الشهر كما أتذوق ألذ الطعام او الشراب كان يقول لنا نحن ناكل لنتقوى على الصيام والعبادة ولسنا نصوم لناكل فكان كثيرا ما ينبه على أمي بعدم الإكثار من أصناف الطعام حتى لا تضيع وقتها في المطبخ سبحان الله اذهب معه للمسجد لايفتا لسانه من ذكر الله عزوجل كان يوبخني لو راني أصلي وأقوم بدون قراءة اذكار او تسبيح .... ااااااااااااااه ما أجملها من أيام ليتها تعود انظر اليوم اليه يجلس على كرسيه المتحرك لا يقوى على الوقوف او الحركة خارت قواه وضعفت عظامه ووهنت لايسال عن طعام او شراب لا يسال سوى عن الصلاة ضعف عقله وذاكرته يصلي لا يعي ما يقول لكن عقله وقلبه متيقظ لشي واحد فقط الصلاة لا غير يسألني ويسال السائق ويسال الوالدة هل صليت العصر هل صلينا المغرب هل وهل وهل يالهذا الرجل وقد أصبح من أهل الأعذار بل سقطت عنه الصلاة لانه لا يدرك لكنه لم يسقطها عن نفسه يحمله السائق كطفل صغير الى السيارة ليذهب ويصلي بالمسجد المغرب والعشاء والجمعة اما بقية الصلوات فاما يصليها في البيت واما لا يصليها اصلا لذهاب عقله انظر اليه والى ذلك النور في وجهه والى عينيه وكانه يقول لي بنيتي اما وقد ضعف جسدي عن صلاة الجماعة فكوني كما ربيتك حافظي انتي عليها وانشئي ابنائك على حبها بنيتي كم اشتاق للمسجد كم اود ان أذهب لأصلي بنيتي انتي في شبابك وقوتك وصحتك فاستثمري تلك النعم في كثرة الصلاة والعبادة حتى تنالي خير الدنيا والاخره ... لله درك ابتاه ربيتني وأحسنت تربيتي وعلمتني حب هذا الدين والتفاني لخدمته .. لله درك يامن جمعت بين صفتين لتفوز بظل العرش باذن الله فنشات في طاعة الله وتعلق قلبك بالمساجد فهنيئا لك ابتاه فنيت شبابك وقوتك في طاعة ربك وستبقى باذن الله يطيل الله عمرك لتزيد وتزيد من الطاعات والقربات وسأكون باذن الله كما ربيتني لن اضيع تربيتك .....)
وبعد أحبتي في الله قالت لي ابنة بطل القصة انها ما اذنت لي ان اذكر قصة والدها لمجرد الافتخار فقط او التأسي فهناك الكثير والكثير من الصالحين بعد نبينا عليه السلام وصحابته والسلف الصالح نقتدي بهم لكن الهدف من القصة هي رسالة منها على لسان والدها موجهه الى ذلك الشاب الذي انعم الله عليه بالصحة والعافيه فسمع النداء للصلاة واعرض اهمالا وتكاسلا بينما لا يكسل ويمل ان يجوب الشوارع طولا وعرضا ... سمع النداء لصلاة الفجر وهو من كان يسهر ليلة كاملة وتكاسل عن ربع ساعة او نصف ساعه في صلاة الفجر ... من كان بري ابنائه وبناته مابخل عليهم بشئ لكنه بدافع الحب تنازل وغض الطرف عن المطالبة بالصلاة وحفاظهم عليها حرص ان يلبي طلباتهم واحتياجاتهم وحرص ان يكونوا في احسن حال من ماكل ومشرب وتعليم وفاته ان يحرص على حمايتهم من النار (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) غفل هو وغفلت تلك الام ان يحرصوا ان يكونوا مجتمعين في الجنة كحرصهم على اجتماعهم في الدنيا بحفاظهم على الصلاة والصبر عليها وعلى الطاعات بل غفلوا عن قوله تعالى ( وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ )
رسالة إلى كل فتاة وشاب وأم وأب ان يحافظوا على الصلاة قبل ان تمر بهم السنين وتضعف أجسادهم وقواهم ...
ختاما أحبتي لا تتركوني من صالح دعائكم أختكم سميرة أمين  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدني مروركم وتعليقاتكم الرائعه