الأربعاء، 9 يناير 2013

حكم من قصص الأقدمين



تزوج رجل فقير من امرأة وأنجبا طفلا فقرر الرجل السفر لطلب الرزق، واتفق مع امرأته على عشرين عاما من الغياب في السفر، وإذا زادوا يوما واحدا فإن المرأة تصبح حرة طليقة ولها أن تفعل ما تشاء. 

فوعدته زوجته بذلك وترك امرأته وولده الذي لم يبلغ شهرا واحدا وسافر إلى إحدى البلدان حيث عمل في طاحونة قمح عند رجل طيب وسر منه صاحب الطاحونة لنشاطه. وبعد عشرين عاما قال لصاحب الطاحونة: لقد قررت العودة إلى الأهل لأن امرأتي أوعدتني بأن تنتظرني عشرين عاما فقط، قال له صاحب الطاحونة اشتغل عندي عاما آخر أرجوك لقد اعتدت عليك كما يعتاد الأب على ابنه قال الرجل لا أستطيع لقد طلبت الدار أهلها وحان الوقت كي أعود فقد مضى على غيابي عشرون سنة وإذا لم أعد إلى البيت هذا العام فان زوجتي ستتركه فأعطاه صاحب الطاحونة ثلاث قطع ذهبية 

وقال له: هذا كل ما املك خذها فإنها ليست بكثيرة عليك،اخذ الرجل القطع الذهبية الثلاث واتجه نحو قريته وفي طريقه إلى القرية لحق به ثلاثة من المارة كان اثنان من الشباب والثالث رجل عجوز تعارفوا وبدأوا بالحديث بينما الرجل العجوز لم يتكلم ولا بكلمة، بل كان ينظر إلى العصافير ويضحك فسأل الرجل: من هذا الرجل العجوز؟ 

أجاب الشابان: انه والدنا قال الرجل: لماذا يضحك هكذا؟ أجاب الشابان: انه يعرف لغة الطيور وينصت إلى نقاشها المسلي والمرح قال الرجل: لماذا لا يتكلم أبدا؟ أجاب الشابان: لأن كل كلمة من كلامه لها قيمة نقدية قال الرجل: وكم يأخذ؟أجاب الشابان: على كل جملة يأخذ قطعة ذهبية قال الرجل في نفسه: إنني إنسان فقير هل سأصبح فقيرا أكثر إذا ما أعطيت هذا العجوز أبو اللحية قطعة ذهبية واحدة كفاني اسمع ما يقول 

واخرج من جيبه قطعة ذهبية ومدها إلى العجوز فقال العجوز: لا تدخل في النهر العاصف وصمت وتابعوا مسيرتهم قال الرجل في نفسه: عجوز فظيع يعرف لغة الطيور ومقابل كلمتين أو ثلاثة يأخذ قطعة ذهبية يا ترى ماذا سيقول لي لو أعطيته القطعة الثانية؟ ومرة ثانية تسللت يده إلى جيبه وأخرج القطعة الذهبية الثانية وأعطاها للعجوز قال العجوز: في الوقت الذي ترى فيه نسورا تحوم اذهب واعرف ما الذي يجري وصمت، 

وتابعوا مسيرتهم وقال الرجل في نفسه: اسمعوا إلى ما يقول كم من مرة رأيت نسورا تحوم ولم أتوقف ولو لمرة لأعرف ما المشكلة سأعطي هذا العجوز القطعة الثالثة بهذه القطعة وبدونها ستسير الأحوال وللمرة الثالثة تتسلل يده إلى جيبه، وألقى القبض على القطعة الأخيرة وأعطاها للعجوز اخذ العجوز القطعة الذهبية وقال: قبل أن تقدم على فعل أي شيء عد في عقلك حتى خمسة وعشرين وصمت. 

وتابعوا الجميع المسير ثم ودعوا بعضهم وافترقوا وعاد العامل إلى قريته وفي الطريق وصل إلى حافة نهر وكان النهر يعصف ويجر في تياره الأغصان والأشجار وتذكر الرجل أول نصيحة أعطاها العجوز له ولم يحاول دخول النهر جلس على ضفة النهر وأخرج من حقيبته خبزا وبدأ يأكل وفي هذه اللحظات سمع صوتا وما أن التفت حتى رأى فارسا وحصانا أبيضا قال الفارس: لماذا لا تعبر النهر؟ 

قال الرجل: لا أستطيع أن اعبر هذا النهر الهائج فقال له الفارس: انظر إلى كيف سأعبر هذا النهر البسيط وما أن دخل الحصان النهر حتى جرفه التيار مع فارسه كانت الدوامات تدور بهم وغرق الفارس أما الحصان فقد تابع السباحة من حيث نزل وكانت أرجله تسكب ماء، امسك الرجل الحصان وركبه وبدا البحث عن جسر للعبور ولما وجده عبر إلى الضفة المقابلة ثم اتجه نحو قريته. 

ولما كان يمر بالقرب من شجيرات كثيفة رأى ثلاثة نسور كبيرة تحوم قال الرجل في نفسه: سأرى ماذا هناك نزل عن الحصان واختفى بين الأشجار وهناك رأى ثلاث جثث هامدة وبالقرب من الجثث حقيبة من الجلد ولما فتحها كانت مليئة بالقطع الذهبية كانت الجثث لقطاع طرق سرقوا في أثناء الليل أحد المارة ثم جاءوا إلى هنا ليتقاسموا الغنيمة. 

فيما بينهم ولكنهم اختلفوا في الأمر وقتلوا بعضهم بعضا بالمسدسات اخذ الرجل النقود ووضع على جنبه أحد المسدسات وتابع سيره وفي المساء وصل إلى بيته فتح الباب الخارجي ووصل إلى ساحة الدار وقال في نفسه: سأنظر من الشباك لأرى ماذا تفعل زوجتي كان الشباك مفتوحا والغرفة مضاءة نظر من الشباك فرأى طاولة وسط الغرفة وقد غطتها المأكولات وجلس إليها اثنان الزوجة ورجل لم يعرفه وكان ظهره للشباك فارتعد من هول المفاجأة وقال في نفسه أيتها الخائنة لقد أقسمت لي بأن لا تتزوجي غيري وتنتظريني حتى أعود والآن تعيشين في بيتي وتخونيني مع رجل آخر؟! 

أمسك على قبضة مسدسه وصوب داخل البيت ولكنه تذكر نصيحة العجوز الثالثة أن يعد حتى خمسة وعشرين قال الرجل في نفسه: سأعد حتى خمسة وعشرين وبعد ذلك سأطلق النار وبدأ بالعد واحد.. اثنان.. ثلاثة.. أربعة.. وفي هذه الأثناء كان الفتى يتحدث مع الزوجة ويقول: يا والدتي سأذهب غدا في هذا العالم الواسع لأبحث عن والدي كم من الصعوبة بأن أعيش بدونه يا أمي 

ثم سأل: كم سنة مرت على ذهابه؟ قالت الأم: عشرون سنة يا ولدي 

ثم أضافت: عندما سافر أبوك كان عمرك شهرا واحدا فقط، عندها ندم الرجل على ما نوى، وقال في نفسه: لو لم أعد حتى خمسة وعشرين لعملت مصيبة، وتعذبت بها أبد الدهر وصاح من الشباك: يا ولدي.. يا زوجتي.. اخرجوا واستقبلوا الضيف الذي طالما انتظرتموه. إذن تعلمنا مثل هذه القصص والحكايات العبر والدروس، وتوجهنا بأنه يجب علينا أن نفكر جيدا وبهدوء قبل أن نقدم على عمل أي شيء نريده لكي لا نندم على ما فعلنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدني مروركم وتعليقاتكم الرائعه