الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

أين نحن من (افعل ولا حرج) ؟


عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه،فجاءه رجل فقال:لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح فقال:
(اذبح ولا حرج)
 فجاء آخر فقال:لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي قال:
(ارم ولا حرج).
فما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قُدِّم ولا أُخِّر إلا قال:
(افعل ولا حرج).
لاحظوا أيها الكرام أننا نتحدث عن ركن من أركان الإسلام،وعن شعيرة عظيمة من شعائر الدين،لها مكانتها وهيبتها ومشقتها،لذلك فرضت مرة واحدة في العمر.ومع ذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم مرناً غاية المرونة،ويثني على المسلمين اجتهادهم،ويرفع من روحهم المعنوية،ويركز على إبقاء الروحانية موجودة فلا يجرح أحدا أو ينتقص أحدا أو يذم عدم معرفة أحدٍ بأمر من أمور العبادة...
دعونا نرى(افعل ولا حرج)
 هل هي موجودة في حياتنا اليومية وتعاملاتنا المختلفة؟.
هل هي موجودة بالعمل؟ وهل الشارع والمجتمع والمنزل لهم نصيب منها؟
فمثلا حين يجتهد أحد الموظفين في عمله، ويخبرنا بأنه فعل كذا وكذا ... هل نقول له افعل ولا حرج؟ ومن ثم نشجعه على مبادرته واجتهاده، أم أننا نتفرغ لتقريعه ولومه،ونعتبره تجاوز الخطوط الحمراء.
صحيح أن هناك أنظمة وقوانين، يجب مراعاتها ولكن في بعض الأحوال تكون اللوائح غير واضحة أو لم يطِّلع عليها؛وأيضا في ظروف معينة قد لا يجد من يسأله، فنحن هنا يجب أن نقره على مبادرته وعلى قدرته على اتخاذ القرار ونقول له: 
( افعل ولا حرج)...
أبناؤنا في المنزل، حين يخبروننا عن تصرف معين قاموا به في غيابنا ويظنون بأنهم ارتكبوا خطأً كبيرا؛يجب أن لا نشعرهم بتأنيب الضمير،بل نطلب منهم مواصلة حياتهم بشكل طبيعي،وتصرفنا معهم على هذا النحو يعزز ثقتهم بأنفسهم، 
ويجعلهم لا يخفون عنا أي أمر...
(افعل ولا حرج) عبارة تعد دليلا كبيرا على تمتع من يتمسك بها بالمرونة وسعة الأفق والرؤية الإيجابية للأمور.
(افعل ولا حرج) تزيل عقدة الشعور بالذنب من أنفس الأشخاص المبادرين الطموحين.
(افعل ولا حرج) تزيد من أواصر الحب والود بين من فعل فعلا وتحرج منه،وبين من فتح باب الفسحة وتقبل الفعل لثقته بنوايا الفاعل.
(افعل ولا حرج) تجسيد عملي لمبدأ الثقة بالناس،بل وبه إشارة إلى تفويض الآخرين لعمل ما يرونه مناسبا،وذلك في العمل أو المنزل أو المجتمع.
وفي الختام أود أن أطلق أمنية وهي أن يكون هدفنا في كل تعاملاتنا هو محاولة البحث عن الصواب، وليس تصيد أخطاء الآخرين.
ويجب أيضا عدم رفض العمل لمجرد وجود نقص به، فالمهم وجود رغبة صادقة للعمل والإنجاز، ولا يُشترط الكمال؛ فالبحث عن الكمال قد يعيق البدء في أي عمل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدني مروركم وتعليقاتكم الرائعه