الأحد، 11 أغسطس 2013

قتل تحت الحصار ..رحلة من أجل العلاج

تدور أحداث هذه القصة الواقعية في الفترة الزمنية ما بين العام 2005م حتى العام 2009م وهي تتكلم عن أحداث تعاقبت في مجرياتها عن إنسان كافح كثيراً من أجل الحصول على جرعة علاج حيث أن المريض هو المواطن الفلسطيني " هاني زهير مصبح " البالغ من العمر ثلاثين عام والمقيم في قطاع غزة المحاصر حيث أن المواطن الفلسطيني أصيب بمرض السرطان الخبيث بالغدة الدرقية في العام 2005م شهر أغسطس ولقد خضع المريض للكشف الطبي في مستشفى " بلسم العسكري " بمحافظة شمال قطاع غزة في مدينة بيت لاهيا وتحت إشراف الطبيب الأخصائي الجراح الدكتور/ أحمد شهوان أخصائي الجراحة العامة ، ولقد تم إجراء العملية الأولى لإزالة جزء من الغدة الدرقية وأخذ عينة للفحص لمعرفة نوع الورم وحين تبين بان الورم من النوع الخبيث خضع المريض لإجراء عملية ثانية لإزالة الجزء المتبقي من الغدة الدرقية وكان ذلك في شهر أكتوبر من العام 2005م ,
هنا بدأت المعاناة بعد تحديد نوع الورم فأصبح على المريض إكمال علاجه خارج حدود قطاع غزة وذلك بأمر من الطبيب المعالج لأن مثل هذه الأمراض وخصوصا ًالسرطانات الخبيثة فهي بحاجة إلى فحوصات خاصة من نوع " الرنين المغناطيسي" و" المسح الذري " وكذلك بحاجة إلى العلاج الخاص من نوع " اليود المشع " وهي جميعها غير متوفرة في قطاع غزة نظراً لوجود الاحتلال وسيطرته على كافة المعابر الحدودية التي من خلالها يخرج سكان قطاع غزة إلي شتى بقاع الأرض، فقطاع غزة صغير جدا ًوهو شريط حدودي ساحلي صغير الحجم مساحته " 360كيلو متر مربع".
يحده من الجنوب جمهورية مصر العربية ويحده من الغرب البحر الأبيض المتوسط ويحده من الشرق والشمال الحدود الإسرائيلية بقواتها العسكرية وهي أرض فلسطينية الأصل احتلت في الفترة الزمنية ما بين عام 1948م وعام1967م ويبلغ التعداد السكاني للقطاع قرابة مليون ونصف المليون وله بوابتان رئيسيتان وهما البوابة الشمالية وهي ما تعرف ببوابة " ايرز" ويشرف عليها قوات الاحتلال منها يذهب سكان قطاع غزة إلى مناطق الضفة ومناطق إسرائيل ، والبوابة الثانية وهي البوابة الجنوبية وهي ما تعرف باسم " بوابة رفح البرية" وهي متاخمة للحدود المصرية وهي بإشراف السلطة الفلسطينية والأوروبيين المراقبين ويشاركهم الرقابة الإسرائيليين بموجب نص اتفاقية المعابر الموقعة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بخصوص فتح معبر رفح البري وكان هناك معابر أخرى ولكنها معابر اقتصادية ومن الأشياء الأخرى التي تتضمنها الاتفاقية والتي من خلالها يتحكم الطرف الإسرائيلي في التأثير علي حياة الفلسطينيين بشكل
*ما تم الاتفاق علية بشكل عــام في اتفاقية المعابر لعام 2005م
يتم افتتاح معبر رفح بمجرد ما يصبح جاهزاً للتشغيل بناءاً على معايير دولية وتماشياً مع مواصفات هذه الاتفاقية وبالوقت الذي يتواجد فيه الطرف الثالث في الموقع وهم الأوروبيين، مع تحديد الخامس والعشرين من تشرين الثاني كتاريخ للافتتاح.
استخدام معبر رفح ينحصر في حاملي بطاقة الهوية الفلسطينية ومع استثناء لغيرهم ضمن الشرائح المتفق عليها. ومع إشعار مسبق للحكومة الإسرائيلية وموافقة الجهات العليا في السلطة الفلسطينية.
يتم تركيب الكاميرات لمراقبة عملية التفتيش
وبذلك يكون معبر رفح المعبر الوحيد بين قطاع غزة ومصر (باستثناء معبر كيرم شلوم للفترة المتفق عليها)
" فمن خلال كاميرات وضعت بداخل المعبر لهذا الغرض لا يتم فتح المعبر نهائيا َفي حال تغيب الأوروبيين وهذا ما كان يحدث كثيرا،الجانب الفلسطيني إلتزم بغالبية بنود الاتفاقية الموقعة بالعام2005م ولكن الجانب الإسرائيلي كما تعودنا لا يلتزم أبدا ولا ينفذ البنود المتفق عليها وهكذا هو حالة مع الجانب الفلسطيني منذ عودة السلطة الفلسطينية لأرض الوطن ولا حسيب ولا رقيب من قبل المجتمع الدولي بل علي العكس دائما تجد حق الفيتو الأمريكي يستخدم في مجلس الأمن لصالح الإسرائيليين ولمنع اتخاذ أي إجراء ضد إسرائيل لعدم التزامها بتنفيذ المعاهدات ،بل وتجد أمريكا بصريح العبارة تعلن على لسان وزير خارجيتها بأنها فشلت في إقناع إسرائيل بوقف الاستيطان في القدس المحتلة.
بالبداية استطعت السفر من خلال معبر رفح والتوجه إلى مستشفى الهلال الأحمر بالقاهرة بمصر الجديدة وإجراء الفحوصات من نوع الرنين المغناطيسي في مركز الدكتور/جلال مراد بمدينة مصر الجديدة وإجراء المسح الذري في مركز الحياة الطبي بالإضافة إلى فحوصات أخرى كثيرة ومن ثم الحصول على جرعة العلاج الأولي من "اليود المشع" في مستشفى الهلال الأحمر بالتنسيق مع مركز الحياة الطبي وبعدها خرجت من المستشفى ولكن يجب العودة بعد "6 شهور" لإجراء الفحوصات مرة أخرى والخضوع للعلاج من جديد.
وحين أتي موعود السفر إلى مصر من جديد تأخرت ولم أستطع السفر ًبسبب الأوضاع السياسية في قطاع غزة وعدم استقرارها وعدم التزام الأوروبيين بالحضور إلى المعبر.
بموجب الاتفاقية يغلق المعبر أبوابه أمام المسافرين من المرضى والطلاب وأصحاب الاقامات ولكن عندما يفتح المعبر أبوابه استطيع السفر وغالباً ما كنت أتأخر عن موعد علاجي لفترات ليست بالقصيرة فهي تتجاوز الثلاثة شهور وهي تعتبر فترة مهددة لحياة المرضى وخاصة طبيعة المرض الفتاك الذي لا يعرف الأعذار وبسبب تلك الاغلاقات مات العشرات بل المئات من المرضى الفلسطينيين في قطاع غزة لعدم تمكنهم من السفر إلى مصر أو غيرها من الدول العربية والأجنبية لتلقي العلاج اللازم.
أذكر من الأحداث التي أدت إلى إغلاق المعبر وكان ضحيتها المسافرين من المرضى وغيرهم ، وهي اختطاف الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" بالعام25/6/2006م ذلك الجندي الذي كان على رأس عمله في الموقع العسكري الإسرائيلي الواقع في الأراضي الفلسطينية والذي يمارس جنوده وضباطه جرائم الحرب التي يشهدها العالم جميعا لأولئك الجنود وقياداتهم ورغم أن ذلك الجندي يفعل ما يفعل من الجرائم فمن وجهة نظر الإسرائيليين لا يحق لنا كفلسطينيين الدفاع عن أنفسنا ومحاربة محتلين أرضنا وقاتلين أطفالنا فكان خطف الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط"جريمة نعاقب عليها كفلسطينيين أما الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي والبالغ عددهم أكثر من "10آلاف"أسير فلسطيني وفيهم عدد من النساء والأطفال وعدد من الأسرى اللذين تم اختطافهم من بيوتهم فهذا مسموح للجيش الإسرائيلي فعله ..
عزيزي القارئ تابع جيداً وأعلم بأن هناك شعب عربي لم ولن تنتهي مأساته وأعلم جيداً بأن هذا الشعب هو شعب فلسطين ، ففي العام 2006 بدأت الأحداث تتعاقب في قطاع غزة والأمور تتفاقم بين السلطة الفلسطينية " فتح " وبين المعارضة " حركة حماس" حتى بلغ الأمر شدته وتدخلت دول عربية لإصلاح ذات البين واقسم الطرفين قسمهم ويمينهم في أطهر بقاع الأرض في مكة مدينة بيت الله الحرام أقسم الطرفان على أن لا يتقاتلوا وأن يتصالحوا ولكنه من المؤسف جداً يبدوا أنهم أقسموا على أن لا يتصالحوا وأن يستمروا في سفك دماء أبناء شعبهم الذي كان ضحيتهم .
عادوا من مكة ولم يتوقف الصراع وكانت المؤامرة وهي تواطؤ السلطة الفلسطينية وتآمرها وخيانة بعض مسئوليها استطاعت حركة حماس التي كانت تسيطر على المجلس التشريعي الفلسطيني بأغلبية ساحقة تمثل ثلثيه فقد وصلت حماس إلى سدة الحكم من خلال تراكمات عديدة سئم منها المواطن الفلسطيني كان يرتكبها بعضا من المسئولين وأصحاب النفوذ مما جعل المواطن الفلسطيني يعيد النظر في ذلك وأن يختار الوجه الجديد في تلك الفترة وكانت حركة حماس في أوج عطاءها اللا محدود من النضال والكفاح الذي أعجب كل مواطن فلسطيني بما فيهم رجال الأمن بالأجهزة الفلسطينية ولقد صوت بالانتخابات لصالح حركة حماس من قوات الجيش الفلسطينية وأخص بالذكر جهاز الأمن الوطني ما نسبته"30%" وأتطرق إلي بعضا من الأفعال التي جعلت المواطن يختار حركة حماس وأذكر منها علي سبيل المثال:
الفساد الذي كان ينمو على يد رجل يبطش كما يشاء على مرئي ومسمع من الجميع دون فعل شئ ذلك الرجل الذي كان يرأس جهاز الاستخبارات العسكرية منذ قدوم السلطة الوطنية أرض الوطن وهو اللواء / موسى عرفات أحد أقرباء الرئيس الشهيد/"ياسر عرفات" ، يفعل ما يشاء من الاستبداد و الاضطهاد دون حسيب أو رقيب واضعاً حوله زمرة من الفاسدين والقتلة وهم جمعياً خارجون عن القانون ، وكذلك الرجل الآخر اللواء / غازي الجبالي الذي كان يرأس جهاز الشرطة الفلسطينية , وكان مكتب الشرطة هو مكتب خاص به يحق له فعل ما يفعله دون أن يطبق عليه القانون الذي هو بالأساس رجل الشرطة هو رجل تطبيق القانون فذلك المكتب ليس ملكاً لشخص وإنما ملكاً لعامة الشعب الفلسطيني يحمل شعار تطبيق النظام والقانون ..
وكذلك معاناة المواطن في المؤسسات الخدماتية وخصوصاً قطاع الصحة والتعليم والجميع يعلم أن هناك الكثير من أبناء فلسطين بحاجة للعلاج خارج أرض الوطن نظراً لقلة الإمكانيات في قطاع غزة بسبب الاحتلال فكان هناك ما يسمى بنظام التحويلات للعلاج بالخارج ، فتجد أن أصحاب النفوذ يحصلون على التحويلات في وقت قصير وسريع و إن كان بعضهم ليسوا بحاجة لها و أن من يحتاجها حقاً تجده ينتظر ويترجى ولا حول ولا قوة له إلا بالله وتجد كثيراً من أصحاب الرموز السامية تجدهم يحولون ويعالجون في أفضل الأماكن المتاحة أما الآخرون فلا يهم أين يكون علاجهم فهم السادة ونحن العبيد .
قد يعتقد الكثير أني معادياً لحركة فتح أنا لست معادياً لأحد ولكني لا أمثل الظلم مع العلم أنني رفيق جبهة نضال شعبي فقد تذكرت مقولة الأمين العامل لجبهة النضال الشعبي رحمة الله الدكتور / سمير غوشة وإنني أشهد له بوطنيته ونضاله ذات يوم كنا باجتماع في مكتب النصيرات بالمحافظة الوسطى وكنا قد تكلمنا عن الفساد وهكذا أمور فقال جملة مازلت أتذكرها قال : " لكي تصبح شوارعنا جميعها مضاءة ونظيفة علينا أن نسكن بكل شارع من شوارع غزة رجل برتبة عقيد " هكذا هو حالنا كمسئولين نسلب حقوق الآخرين ولا يهم من يدفع الثمن ، صحيحاً أم المواطن يدفع الثمن بالحال والنظام والسلطة يدفع الثمن بالوقت اللاحق ولو نظرت إلى قطاع التعليم وهو من أهم القطاعات بالمجتمع الفلسطيني تجد أن المواطن البسيط تسلب حقوقه داخل هذا القطاع إذا لم يكن ذو نفوذ أو رموز حركتهم فتجد أن الخدمات والدعم المالي في هذا القطاع لا يخدم إلا القليل ممن يستحقون فتجد أن هناك طالبة والدها لا يعمل أو أن والدها متوفى وليس لها من يعيلها ولا تتمتع بالخدمات المقدمة والإعفاءات المادية المقدمة من الجهات المانحة وبالمقابل تجد هناك فتاة والدها يعمل محافظاً أي أن ابنته ليست بحاجة لإعفاءات متكررة في كل فصل دراسي ولكن النفوذ واسعة تستوجب ذلك لنيل رضي المسئولين .
هكذا سئم المواطن حالة الفساد والاضطهاد والفوضى وغياب النظام والقانون وتسلط كثيراً كم من الناس تحت مسمى رجال وطنيين وبحجة أنهم مطلوبين لإسرائيل أولئك الكاذبين المسلحين بأسلحة الأجهزة الأمنية مشكلين فرق لقمع المواطن وحماية المسئول أولئك الكاذبين اللذين لا تجدهم إلا في الصفوف الأمامية للاستعراض بعد انتهاء الاجتياح وفي الاحتفالات مع احترامي للقليل منهم ممن يقاومون ولكن عذراً أكثرهم سيئن لذلك احترم قرار السيد الرئيس محمود عباس حين اصدر التعليمات وأصر على أن يسلم كلاً منهم بندقيته هم لأنها فعلاً ليست وطنية وإنما هي قاطعة طريق سئم منها المواطن فقد أساءت تلك البندقية كثيراً في قطاع غزة ففي كل يوم تجد أحد العصابات تغلق الطرق أو تحتل البريد وهو مؤسسة فلسطينية أو يسيطروا على مبنى المحافظة أو الداخلية أو يختطفوا الأجانب الزوار في بلدنا اللذين أتوا لخدمتنا في فلسطين وأسوء ما قاموا به إطلاقهم النار على موكب الرئيس وإغلاق الطريق إمامه كل تلك الأفعال من أجل حصولهم على مناصب أعلى ونفوذ أكثر فكثيرا ًمنهم احتل منصبه بزج الباب وإليكم الكارثة الأكبر وهي أن آلاف من خريجي الجامعات والكليات لا يجدون فرص عمل
وفي الدعاية الانتخابية للطريق الثالث الدكتور/ سلام فياض تم الكشف عن أكثر من ثلاثين ألف وظيفة وهمية لأشخاص غير موجودين بأعمالهم يصرف لهم رواتب ، فلو جمعت تلك الكلمات عزيزي القارئ فستجد ملخصاً واضحاً في أسباب فوز حماس وانهيار فتح ..
بعد سيطرة حماس على غزة بالعام 2006م أغلقت كل المعابر كلياً وفرض الحصار حتى شلت الحركة تماماً أمام المواطن الفلسطيني علماً بأن الحصار فرض على قطاع غزة منذ اختطاف الجندي الإسرائيلي " جلعاد شاليط " من قبل حركة حماس ولكن اشتد الحصار وأصبح دولياً بعد "الانقلاب" الذي قامت به حركة حماس وأصبح يدفع الثمن المواطن الفلسطيني سواء كان من فتح أو حماس أو من غيرهم أو حتى المواطن العادي ومن المؤسف حقاً أن من يدفع الثمن هو شخص ليس من أحد طرفي الصراع أو المسئولين عن الصراع من الطرفين وأن طرفي الصراع لا يدفعوا الثمن ويذهبوا أينما يشاءوا ومتى يريدوا وتفتح أمامهم جميع الأبواب,
أما المواطن العادي يمنع عنه كل شئ يمنع عنه الدواء والغذاء والوقود والكهرباء وأصبحت الحركة في غزة مشلولة بلا دواء أو كهرباء أو وقود فعدنا ممارسة الحياة التي كان يعيشها الإنسان البدائي ورضينا بذلك ولكن أبسط مقومات الإنسان البدائي لم تعد موجودة لدينا فلا نجد حتى قوت يومنا أو ما نضمد به جراحاتنا أو ما نمارس به حياتنا بأدنى المستويات ،
وبالعودة الى رحلة العلاج .. حاولت السفر من خلال بوابة قطاع غزة الشمالية بوابة" ايرز" ولكنني لم استطع , فكنت مرفوضاً ولم يسمح لي بالدخول من تلك البوابة لتلقى العلاج ومازلت لا أعرف السبب وأظن أنني منعت لأنني فلسطيني ، وهذا ليس عيباً بل يزيدني فخرا ًأنني إنسان عربي فلسطيني .
اشتد الحصار وازداد الخناق حتى بلغ أعلى الصرخات فالكل أصبح يصرخ وليس المريض وحده حتى توجه الشعب إلى الحدود المصرية وثم تحطيمها والدخول إلى الأراضي المصرية وهو ليس من حقنا دخول أراضي الآخرين هذا بالوضع الطبيعي أما في ظل الأوضاع التي تكلمنا عنها فيصبح الأمر مقبول وجائز فالضرورات تبيح المحذورات ، بالبداية حاول رجال الأمن المصري منعنا ولكن الإدارة المصرية سمحت لنا بالدخول والتسوق وتحولت الحدود المصرية الفلسطينية إلى سوق عام لا يسمح للفلسطينيين بالتعمق كثيراً داخل الأراضي المصرية .
بعد أن مات العشرات نتيجة هذا الحصار كل شئ ممنوع فظهر لنا شئ جديد اسمه الأنفاق التي لم تخدم المواطن نهائياً تلك الأنفاق على الحدود المصرية مع قطاع غزة التي كانت بمثابة سوق سوداء أو حتى أشد يدخلون من خلالها مقومات الحياة للمواطن يدخلونها بثمن بخس ويعطونها للمواطن بإضعاف مضاعفة ، صحيح أن تلك الأنفاق نفست عن المواطن ووفرت لو القليل القليل من الاحتياجات ولكنها أضرت بنا أكثر من أن تنفعنا وأساءت إلينا كثيراً وظهر النصابين والمحتالين وهم كثر.
ولكن الأهم من ذلك كان هناك مواطنين محاصرين في غزة هم مرضى بحاجة للعلاج داخل مصر وجزء آخر هم من الطلاب في مصر وبلاد أخرى وكذلك جزء كبير من أصحاب الاقامات في دول عربية وأجنبية كانوا بحاجة للسفر وكنت أنا أحدهم علماً بأنني مصاب بمرض السرطان الخبيث بالغدة الدرقية وكنت آنذاك بسبب الحصار متأخر عن إجراء الفحوصات والتحاليل الطبية وتلقي العلاج اللازم من المسح الذري للجسم وهو علاج من نوع اليود المشع الممنوع دخوله لغزة بسبب الحصار وهو علاج نووي لا يمكن دخوله لغزة بأي شكل من الأشكال.
رحلة سفر غير مشروعة قانونية ومشروعة إنسانيا .
دخلت أنا المواطن الفلسطيني من الحدود المصرية بطريقة غير شرعية أنا وصديقي سامي محمد الأشعل الذي كان يريد السفر إلى المملكة العربية السعودية لمشاهدة والده الذي يحتضر من شدة المرض في مستشفي سعودي بالرياض وكان صديقي منذ أعوام لم يتمكن من مشاهدة والده بسبب الحصار المفروض على غزة وحين أتيحت لنا الفرصة بالدخول للأراضي المصرية على أمل أن يحقق كلا منا هدفه وكانت أهدافنا بسيطة ومشروعة وتدعمها قوانين حقوق الإنسان,
و استطعنا اجتياز الكثير من الحواجز العسكرية المصرية من خلال الدخول من البساتين الزراعية والتوجه إلى المحافظة بالعريش وجلست أمام مبنى المحافظة بكل أدب واحترام وكان هناك لجنة من رجال الشرطة المصرية تسجل كل فرد يصل وإلى أين سيسافر جلسنا لأكثر من أسبوعين حتى تم اتخاذ قرار في قضية تواجدنا فأمرونا بالتوجه نحو الميناء البحري وهناك كانت لجنة أخرى وعلى حسب إثباتات كل مواطن يتم ختم جواز السفر الفلسطيني والسماح له بالدخول للقاهرة في فترة أقصاها 72 ساعة لعمل اللازم ومغادرة أرض مصر هذا بالنسبة للمواطن الفلسطيني المسافر لبلد عربي أو بلد أجبني وكان صديقي الأشعل واحد منهم.
هنا تبدأ رحلة العذاب من أجل العلاج بعد تأخري عن موعد العلاج الذي استمر لأكثر من عام بعد الحصار ولم يكن أمامي سوى الدخول إلى الأراضي المصرية بطريقة غير مشروعة قانونياً ولكنها مشروعة إنسانيا .
هنا سأتكلم لكم عن رحلتي كيف بدأت لتعلموا ما كان فيها من مغامرات وصعوبات جميعها من أجل الحصول على جرعة علاج من "اليود المشع".
عبرت الحدود المصرية في شهر فبراير من العام "2007م " وكان هناك عشرات الحواجز العسكرية المصرية على الطرقات عبرت الحدود بعد صلاة المغرب أي مع حلول الظلام واستطعت تخطي الحاجز الأول بعد الحدود برفقة صديقي وبالقرب من الحاجز الثاني في منطقة تعرف باسم الماسورة سلكنا طريق وعرة ومظلمة ومن وسط الحقول الزراعية والأشجار قطعنا طريقنا ووجدنا العشرات من الفلسطينيين يسلكون نفس دربنا ولكل واحد منا هدفه الخاص وقد نتشابه كثيراً واستطعنا قطع مسافة طويلة كانت متعبة ومنهكة جداً أجبرتنا على ترك أمتعتنا وخاصة أن الطقس كان شديد البرودة فاذكر أنني تركت جميع أمتعتي وبقيت معي حقيبة صغيرة بها لباس شخصي قليل وملف العلاج ونقودي وجواز سفري ولا أحمل شيئا ً آخراً .
استمر السفر في تلك الطرقات ودوريات الشرطة تلاحقنا وقد أمسكت بالكثير منا ، استعنت أنا وصديقي وعدد قليل من الذين وجدناهم في الطريق بدليل من السكان البدو والذي ساعدنا في توفير سيارة مكشوفة من نوع "تويوتا" لنقلنا وقد حصل الدليل والسائق على أجرة يتقاسموها بينهم ما قيمته 150 جنيه لكل فرد وكنا تقريبا 17 راكب علماً بأن الأجرة في الوضع العادي هي لاتتجاوز 10 جنيهات مصرية استطعنا الوصول إلى مبني المحافظة بالعريش ووجدنا أناس كانوا قد سبقونا إلى نفس المكان وكان هناك العديد من الصحافيين والمصورين مما جعل رجال الأمن يتعاملون معنا بحذر وكان يجب على كل شخص جديد يصل إلى المكان دخول المحافظة وتسجيل اسمه والمكان الذي يريد الذهاب إليه وما لفت انتباهي هو أنهم لم يسألوني لماذا أنا هنا علي أراضيهم المصرية أو لماذا أريد الذهاب للقاهرة وكذلك الأمر لم يسألوا الباقيين، فعلمت بأن هناك أمر ما بعد تسجيل البيانات..
نعود إلى الشارع ونلتحف الأرض وتغطينا السماء والبرد قارص والنساء تنام بداخل مسجد بالقرب من المكان ونحن الرجال بالشارع وجميع الفنادق والشاليهات بالعريش لم تستقبلنا وكذلك الشقق السكنية يرفض أصحابها تأجيرها لنا خوفاً من الأمن المصري ، استمر حالنا هكذا لأكثر من أسبوعين وأهل الخير من الناس وأصحاب الجمعيات أحضروا القليل من البطانيات وقدموا ما يستطيعوا من الطعام ولكن في مجملها غير كافية وما علينا إلا أن نشكرهم فلهم منا جزيل الشكر ، بعد اليوم السابع من الأسبوع الثاني لمعاناتنا استطاع الأمن المصري التفكير بدهاء والتخلص من الأزمة الفلسطينية على أراضيهم المصرية التي صارت حديث الصحف المعارضة ووكالات الأنباء.
بعد انقضاء أسبوعين طلب الأمن المصري من الفلسطينيين المتواجدين أمام المحافظة التوجه إلى ميناء العريش البحري فتوجهنا جمعياً وكان ذلك بعد صلاة المغرب بعد السادسة مساءاً وهناك جمعت جوازات السفر لم أكن مطمئناً ولذلك لم أسلم جواز سفري وجلست أراقب عن كثب فمن كان يريد السفر خارج ارض مصر ثم ختم جواز سفره ومنحه 72 ساعة لمغادرة الأراضي المصرية استمر ذلك الأمر حتى الساعة الواحدة ليلاً حيث أنه كان عدد المتواجدين بالمكان تقريباً 3500 فلسطيني منهم حوالي 1500 فلسطيني يريدون الذهاب للقاهرة وهم من المرضى والطلاب جلسنا ننتظر وإذ بعدد كبير من سيارات الشرطة التابعة للأمن المركزي تحاصرنا بالمكان حيث لا يوجد صحافيين أو وسائل إعلام وكان عدد الشاحنات أكثر من 45 سيارة أمن مركزي وبها عدد كبير من جنود الأمن المركزي . أصبحنا الآن بين فكي الأسد وإذ بالمسئول يحضر جوازات سفرنا وحولنا ثلاثة أطوق من رجال الأمن المركزي وبدأت الأصوات تتعالي ولكن المعاملة كانت قاسية والمشهد مخيف وبدؤوا بالمناداة على أصحاب الجوازات وتحميلهم بالشاحنات لترحيلهم والعودة بهم إلى قطاع غزة من حيث أتوا.
أحمل جواز سفري في جيبي ولكن كيف سأخرج من المكان بدأت أفكر ولم أجد الحل وإذ بالإلهام من رب السماء سمعت امرأة وزوجها من اللذين ختمت جوازات سفرهم وسيذهبون لمطار القاهرة ولكنهم بقوا بالمكان ينتظرون فتاة من صلة قرابتهم تريد الذهاب للقاهرة ، تلك الأسرة تحدثت للمسئول وشاهد جوازات سفرهم وصرخ عليهم قائلاً امشي يا مدام بتعملي هنا إيه بسرعة تحركي " وكان رجال الأمن يشاهدوا ويسمعوا كلام المسئول وبعدها المسئول كان مشغول بالمكان بشكل عام والأسرة توجهت لحمل أمتعتها فأخرجت جواز سفري وسرت حيث تسير تلك الأسرة فظنوا أنني واحد من تلك الأسرة وهكذا خرجت من المكان وعدت إلى المسجد بالمكان القريب من المحافظة لأخذ حقيبتي وكان بالمسجد نساء وأطفال وكالمعتاد لم يتغير أسلوب رجال الشرطة فتسمع صوت سيارات الشرطة على بعد مئات الأمتار فعلمت أنهم قادمون للمكان فركبت سيارة أجرة وركبت معي امرأة عجوز يزيد عمرها عن 65 عام تريد إجراء عملية غير متوفرة في قطاع غزة ، وسألنا السائق إلى أين نريد أن نذهب ؟ فكنا لا نعلم وأخذ يتحدث معنا وكان متعاطف معنا وغاضب من تصرفات الأمن المصري وطلبنا منه بأن يوصلنا إلى مكان آمن إلى مسجد يكون بعيد عن الأنظار ودخلنا مسجد صغير وافترشت الحصير ونامت المرأة العجوز وطوال الوقت كانت تهديني بدعواتها وتقول أنت بمثابة ولدي علماً بأن ولدها الحقيقي تم احتجازه وترحيله إلى أن طلع النهار وعدنا إلى مكان قريب من المحافظة وكان هناك أناس لم يكونا متواجدين بالميناء البحري العريش هربوا مثلنا وعادوا مجدداً وفي ذلك اليوم أجرى معي لقاء الصحفي الأستاذ " محمد البهنساوي" من صحيفة مصر اليوم تكلمنا فيه عن سوء المعاملة والتصرفات اللا أخلاقية بحق المرضى .
وبعدها غادرت المكان وتوجهت إلى موقف العريش وجلست هناك اترقب وأناظر عن كثب السائقين فالتمست بأن أحد السائقين باستطاعته مساعدتي في الوصول إلى القاهرة فرفض السائق الأول خوفاً من حواجز الأمن ، أما السائق الثاني قبل بشرط أن ادفع أجرة قيمتها 1500 جنيه وتوصلت معه إلى أنني سأدفع 1000 جنيه وكان قد أدركنا وقت العشاء 7 ليلاً وكان السائق أصله فلسطيني من قطاع غزة مقيم في العريش ولديه بطاقة مصرية اصطحبني إلى بيته وشربنا الشاي كنوع من الطمأنينة وبعدها طلبت منه أن يوصلني إلى السوق لقضاء الليلة فبيتهم لا يسمح ببقائي وبالصباح الباكر ننطلق في رحلتنا ، وصلت للسوق وكان حارسه رجل مصري بدوي أقاربه في فلسطين أخبرني بهم وعرفتهم بشكل عام وقضيت ليلتي مع هذا الحارس وهو رجل بسيط التفكير غير متعلم ولكنه يحمل في داخلة أصالة شعب عريق عرف بأصالته وحبه للفلسطينيين ، بالصباح الباكر اتصل السائق بعد صلاة الفجر ولم يحضر بسيارة الأجرة وإنما حضر بسيارة والدة وهي ما تعرف في مصر بالدبابة وبها صناديق فارغة للدجاج وأحضر معه حطة حمراء لأرتديها على راسي لأصبح في لباس مثل أهل العريش وذهبنا إلى محل استأجرنا دراجة هوائية عجلة وأثناء مرورنا بوسط مدينة العريش شاهدنا منظر غريب وهو أن الشرطة المصرية بالعريش صنعت دائرة من حواجز المرور وسط مدينة العريش بالشارع ووضعت بداخلها جميع الفلسطينيين الذين تمسك بهم في شوارعها وهكذا تركتهم طوال الليل حتى الصباح ومن ثم ترحيلهم إلى غزة .
مشيت برفقة السائق في رحلتنا وبالقرب من الحاجز الأول أوقف السائق السيارة وأرشدني على الطريق الذي سأسلكه بالدراجة الهوائية لأصبح خلف الحاجز وكان هو بانتظاري وهكذا قطعت الحاجز الأول والثاني حتى الحاجز رقم 12 كان أصعبها حاجزان حاجز استغرق مشياً بالرمال قرابة ساعتين ونصف وأنا أسير مشياً على الأقدام برفقة الدراجة وأشاهد الحاجز من بعيد إلى أن أصبحت في أمان وأكملت طريقي مع السائق الشجاع والحاجز الآخر وهو أصعب من جميع الحواجز التي تخطيتها وهو حاجز قناة السويس حيث أنني سلكت طريق العبارة وليس كبرى مبارك للسلام لتفادي عملية التفتيش والتدقيق الشخصي ولكن من أجل الوصول للعبارة كان يجب على تخطي العديد من الحواجز العسكرية غير الحواجز التي ذكرتها وكان هناك أعداد كبيرة من رجال الأمن تراقب العبارة وتفتش السيارات التي تريد صعود العبارة ولحسن حظي أنني ركبت دراجتي وسرت بمحاذاة أشخاص آخرين مصريين يسيرون على دراجات هوائية وسلكت الطريق دون النظر في عيون أحد لتفادي مناداتهم لي وهكذا بلغت "العبارة" وكان قد أخبرني السائق عن الطريق الذي يجب أن أسلكه على الجانب الآخر للخروج من البوابة ولكني أخطأت ودخلت من بوابة تؤدي إلى رصيف الشحن.
ذلك الرصيف يمنع المواطن المصري من المشي عليه حيث أن حارس البوابة بلباس عسكري يصفر بالصفارة من أجل أن أعود ورجال الأمن المركزي على ذلك الرصيف أمامي يأشرون بأيديهم للذهاب إليهم فعلمت بأنني سلكت طريق خاطئ فنزلت عن الدراجة واتصلت على السائق فأخبرني بأنني أخطأت ويجب العودة فركبت الدراجة وعدت من حيث دخلت فصرخ حارس البوابة قائلاً أنت بتردش ليه فقلت باللهجة المصرية "معلش يا باشا أصل أخوي عامل حادثة ودماغي قلبت .
فقال لي "أمشي من هنا" ومشيت وأكملت طريقي وعلمت بأن الله معي ويسهل أمري وكنت طوال الطريق أحمد الله وأشكره على نعمه وكنت أرجو بأن يسهل طريقي وبعد قناة السويس كان الطريق آمناً وكأننا دخلنا بلد آخر طبيعة مختلفة وحياة مختلفة ولا يوجد حواجز صعبة إلى أن وصلت للقاهرة وأكملت طريقي إلى مدينة الشيخ زايد بالقرب من محافظة أكتوبر الساعة 2 ليلاً فكانت رحلة شاقة تعذبت بها كثيراً وصلت المكان سلمت على أصدقائي ونمت من شدة التعب ولم استيقظ إلى باليوم الثاني وقت العصر الساعة 4 عصراً وبعد أن استرحت باليوم الثاني ذهبت للسفارة الفلسطينية بالقاهرة طالباً مساعدتهم في حل مشكلتي وهي أنني موجود داخل مصر بشكل مخالف للقانون وكل ما أريده منهم هو ضمان تحقيق العلاج في معهد ناصر الطبي دون ترحيل فأخبروني بأن لديهم كشف بأسماء الفلسطينيين أمثالي تم ترحيلهم ومنهم أشخاص مصابون ولديهم عمليات جراحية وتم ترحيلهم وطلب منى موظف السفارة بالعودة إلى غزة من جديد رغم أنني أخبرته بأن لا فرصة لي للعلاج سوى جمهورية مصر العربية فأخبرني قائلاً " لن نستطيع فعل شيئاً لكي" ، وهكذا غادرت السفارة الفلسطينية فكان ذلك سبباً رئيسياً في التوجه للمفوضية "هيئة الأمم المتحدة للاجئين", والحصول على ملف لجوء وكان اسم الموظفة المسئولة عن ملف لجوئي هي"رانيا الجندي" وقابلتها في هذا الشأن مرتين علي الأقل.
وأخبرني أحد الأصدقاء الفلسطينيين اللذين أتواصل معهم في غزة عن شخص فلسطيني موجود بالقاهرة يقدم الخدمات ويأخذ الرشوة وأن باستطاعة هذا الرجل حل مشكلتي وختم جواز سفري ليصبح وجودي بالقاهرة قانوني فاتصلت بهذا الرجل وإذ به يطلب مبلغ 800$ دولار ويقول بأنه يخدمني وأن المبلغ ليس له فلم يكن باستطاعتي دفع هكذا مبلغ ولم أعد اتصل به مجدداً وبقيت في مصر بشكل غير قانوني لفترة زمنية تزيد عن الشهرين وذات يوم كان صديقي ذاهباً إلى السفارة الفلسطينية لإصدار جواز سفر فلسطيني جديد وكان ذاهباً على موظف من طرف أشخاص يعرفهم وهناك جلسنا بالسفارة الفلسطينية بالطابق الثاني بالمكتب على يدك اليسار بجوار السلم وتحدثنا في موضوعي وسبحان الله كل شئ بالرشوة ليس مستحيل فطلبوا مني 200$ دولار فأخذوا جواز السفر والشخص الذي حضر إلى السفارة وأخذ النقود وجواز السفر اسمه سامر من قطاع غزة وخلال 24 ساعة عاد ومعه جواز سفري وقد وضع عليه أختام الدخول بتاريخ مسبق بتاريخ ختم جوازات السفر بالميناء البحري بالعريش ، هذا الشخص الفلسطيني علمت لاحقاً بأنه اكتشف أمره من قبل المباحث المصرية وتم ترحيله إلى قطاع غزة .
وهكذا استطعت من الذهاب إلى مستشفى معهد ناصر وإجراء الفحوصات من مسح ذري للجسم وتلقي العلاج من نوع اليود المشع تحت إشراف الطبيب الأخصائي بقسم الأورام الدكتور / مجدي قطب بارك الله فيه وهكذا هي حياتنا وطرقاتنا تملأها الأحداث والأشواك وللقصة بقية
 .
للكاتب الفلسطيني/هاني زهير مصبح
موبايل/00970599356764

hani_mos49@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدني مروركم وتعليقاتكم الرائعه