الجمعة، 21 يونيو 2013

تكرار لا يعلم الشطار


ندرك تماما أهمية الوقت، ونعرف من الحكم ما يكفي لأن يجعل الشعوب العربية رائدة التغيير في التزامها بوقتها، ونحن كمسلمون نقرأ كثيرا من الآيات في القران الكريم التي تحث على إدراك أهمية الوقت وانعكاس ذلك على جميع مجالات الحياة، والسنة النبوية العطرة فيها الكثير والكثير، ولكن.
نكرر دائما عبارات لا نجد لها أثرا في تغيير واقع حياتنا، ولم يكن استشهادي بالوقت إلا مثالا، للعديد من العادات التي ندرك أهمية اكتسابها ونعلم بما لا يدع مجالا للشك أن لها آثارا إيجابية على حياتنا، ومع كل ذلك الوعي والإدراك نكرر تلك العادات السيئة، ويبقى السؤال الأهم لماذا؟
لماذا لا نترك العادات السيئة التي تضر أكثر مما تفيد؟،
ولماذا لا نهتم باكتساب العادات الحسنة التي تنفع أكثر مما تتعب؟
ولماذا ندرك ولا نتغير؟
 وتساؤولات كثيرة كلها تحمل علامات استفهام وتعجب، تستحق أن نقف عندها لندرك صعوبة التغيير، النابع من ذواتنا والعائد بنفعه على كل حياتنا.
هنالك أسباب كثيرة تبرر عدم التغيير الإيجابي في حياة الكثيرين بالذات في المجتمعات العربية، ولعل بذكرها تتضح بعض ملامح الطريق الذي، يمكننا أن نسلكه فيكون جسرا يعبر بنا إلى رافد الأمان الذي نتوق للوصول إليه ونسعى بكل ما أوتينا من علم ومعرفة وإدراك، وذكر بعض الأسباب لا يعني اختصارها أو أنها الأهم ولكن، هي خطوة، من خطوات في بناء يستحق التعب، لتشييده والعناية به.
أسباب بيئية واجتماعية محيطة:
1- إدارة الوقت تتطلب سعي شخصي، ولكنها تتعرض في مجتمعاتنا العربية إلى تعطيل بسبب الثقافة والبيئة والمحيط الذي نعيش فيه، لأنك وإن قررت الاستفادة من ساعة يومية في حياتك لتطوير ذاتك، ستجد أن هنالك ساعات تضيع في المواصلات، والانتظار، والاجتماعات الأسرية، والتواصل الإجتماعي، الحميم بأصلة، والغير نافع في عدم ضبطة وتقنينه، لذلك علينا إدراك العقبات التي ستواجهنا في التغيير بسبب المجتمع المحيط بنا، وهذا يمكننا من مقاومة التغيير لتحقيقه.
2- اكتساب عادة القراءة تنبع من الذات، ولكن صعوبة الوصول إلى المكتبات، وصعوبات الحياة التي نعيشها تفقدنا فرصا ذهبية قد نستطيع اكتسابها عند استيعاب واقع المجتمع الذي نعيش فيه، فنتجاوز تلك العقبات.
3- الحماس الذي يتملك الفرد من قراءة مقال أو سماع قصة نجاح، يتبدد في أغلب الأحيان، لأن المجتمع المحيط بك لا يعزز ذلك الحماس، بل يسعى غالبا إلى إثبات عدم الفائدة من ذلك الحماس، بسبب الخارطة الذهنية المكونة من آلاف التجارب السلبية التي مررنا بها.
4- التركيز العام في المجتمعات العربية على ضرورات قد لا تبدوا بتلك الأهمية مقابل ضرورات أخرى، يجعلك تفقد التركيز على الأهم والأولى في حياتك.
5- التأمل يفيد كثيرا في ايقاض تلك الملكات الكامنة في ذاتك، ولكنه غير متاح بسبب كثير من الضغوط اليومية الإجتماعية، والظروف التي تعيق عملية التأمل أو تعيق الانطلاق من نتائجها.
أسباب مادية بحتة:
1- لا شك أن إنشغالنا في مجتمعاتنا العرببية في توفير المال، يفقدنا الكثير من الفرص، ليس لعدم توفر المال، وإنما لإنشغالنا في تحقيقه، وتتحول مسألة الحصول على كفاية من المال، إلى مسالة تحقيق المزيد منه لغياب الأمان الوظيفي والإجتماعي والتعليمي والصحي.
2- التفكير المستمر في تحقيق الأمان يؤدي إلى عدم التفكير في أشياء أهم بكثير، وهذا بحد ذاته، يجعلك أكثر قربا من العمل، وأكثر بعدا عن التعلم.
3- المواكبة التي نسعى لها من خلال امتلاك العديد من التقنيات وتعلمها والتعرف عليها، بشكل فردي شخصي، يعيق عملية التطوير الشخصي.
أسباب تنظيمية عامة:
1- نصرف الوقت الكثير لبناء منظومة خاصة بأبنائنا لتعليمهم وترفيههم ورعايتهم، وهذا التصرف الشخصي، النابع من الحب، يبدد الوقت ويبعثر الجهد لتحقيق نجاحات نسبية فردية، لا يمكن الاستفادة منها على الصعيد الإجتماعي العام.
2- الأوقات المهدرة في متابعة الشؤون الشخصية والإجتماعية والعملية، لعدم توفر تنظيم عام في المجتمع، على حساب استثمارها في التطوير والتغيير.
3- التنظيم التعليمي والصحي والقضائي والعملي، يجعلنا أكثر إنشغالا في توفير احتياجاتنا بشكل شخصي، أكثر الأسباب تهديدا لعدم التغيير
4- المواصلات وعدم تنظيمها يفقدنا الكثير من الأوقات التي كان بالامكان استغلالها في عملية البناء والتطوير والتغيير.
5- نحتاج إلى توفير الوقت أو المال لرعاية الأطفال، ولكن تلك الأوقات أو الأموال تنفق بشكل فردي، يعيق عملية التطور المجتمعي.
أسباب كثيرة أخرى:
تتعدى قائمة الأسباب المئات، وكل سبب له مبرراته وتأثيراته على واقعنا الشخصي والإجتماعي ولا تقف تلك الأسباب حائلا دون التغيير والتطور وإنما تذهب إلى أبعد من ذلك في التأثير على مجريات الأحداث اليومية.
يبقى التكرار الخاطئ دائما يؤدي إلى نتائج خاطئة، ولتحقيق التغيير علينا الخروج من دائرة التفكير في حلول مشكلاتنا كلها، بشكل فردي، إلى تحقيق التعاون المجتمعي في تبني حالات تغيير مجتمعية، وهذا من شأنه تغيير واقع الفرد والمجتمع الذي يعيش فيه، وهنا مفتاح الحل الذي ينطلق من توسيع دائرة التفكير للخروج بنتائج تفيد الفرد والمجتمع.
وتبقى هذه الطريقة بالغة الصعوبة، لأن التغيير الجماعي بحاجة إلى بناء راسخ للفكر، وتطوير عام يشمل العادات والمعتقدات، ولكنه يحقق نتائج على المدى البعيد، تؤثر في واقع الفرد والمجتمع، إن تبنى البعض تلك المسؤوليات وشمر للبدء في تحقيق التغيير العام، الذي سينعكس على الجميع لاحقا.
إن مقاومة الأسباب التي تعيق عملية التغيير الفردي، بشكل فردي، لا ينتج أكثر من إحداث تغييرات بسيطة لحظية، والسعي لتبني فكرة التغيير المجتمعي، يزيد فرص النجاح، ويحقق تغييرات كبيرة جدا، تتعدى الزمان الذي نعيش فيه، لتثمر واحات التغيير، واقع يزهوا بمجتمعاتنا نحو الأفضل.
علينا إعادة توجيه البوصلة، للتركيز على أهداف، تحقق لنا أكثر بكثير مما تحققه العادات التي نكررها بشكل يومي واسبوعي وشهري وسنوي، لنحصل على تغيير نابع من التعاون الجماعي، والذي ينعكس على إحداث تكرارات أكثر أهمية لعادات تجسد تغييرا واقعيا على صعيد الفرد والمجتمع.

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته
    وفقك الله و اعانك ,,,,الى القمة ان شاء الله

    ردحذف

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدني مروركم وتعليقاتكم الرائعه