الاثنين، 5 نوفمبر 2012

الصغاروالاحترام


كل ظاهرة سيئة موجودة في مجتمع من المجتمعات،لن تعالج إلا إذا اعترف بها أفراد المجتمع؛ ومن ثم شرعوا في الحلول وليس فقط بالتحدث عن الحلول!
لدينا مشكلة كبيرة في تعاملنا مع صغارنا في البيت والشارع والمدرسة وفي كل مكان عام أو خاص...
نتشبث بالحديث الشريف (ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا)،ولا نلتفت لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والتي تبرهن وتؤكد على الاهتمام بالنشء والصغار والشباب واحترامه لهم.
أنا لا أحب التعميم أو حتى التغليب،ولكنني هنا لن أتورع عن القول بأن غالبية المجتمع يسئ التعامل مع الصغار،ولا يتبع الطرق السليمة في تنشئتهم من أجل تكوين شخصياتهم تكوينا يعتمد على الحب والثقة والحرية والأمن الفكري والنضج الانفعالي.
ليس بالضرورة أن يكون كل أب أو أم يتميزان بالعطاء والحب ويقدران المسؤولية؛ليس بالضرورة أن يكونا ممن يحترما أبناءهما الصغار!!
أعلم بأن البعض يظن بأن الأمهات والآباء القاسون هم فقط من يتخلون عن دورهم التربوي وهم فقط من لا يعامل أبناءه باحترام،وهم فقط من يخالف ما تضمنته الشريعة الإسلامية من توجيهات مخصصة للأطفال تحث على ضرورة تقديم الاحترام الكامل لهم،ولو أردتم لبسطت بين أيديكم الكثير من الشواهد والأحاديث والقصص التي تؤكد على هذا الأمر.
قال تعالى:(ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) الإسراء. لم يحدد سبحانه بأن المكرم صغير أو كبير،رجل أو امرأة، غني أو فقير؛التكريم مطلق لبني آدم.
وكذلك في البخاري عن أنس ابن مالك
(كانت الأمة من إماء المدينة،لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت).
وكذلك مراعاته للحسن والحسين ولعبه معهما عليه الصلاة والسلام،وتعجله بالصلاة إذا سمع بكاء طفل.
كما أن التاريخ الإسلامي ساق لنا الكثير من القصص التي تؤكد بأن تقدير واحترام صغار السن ومعاملتهم برقي كان موجودا بشكل كبير،بل كان أمرا اعتياديا.كانوا يعاملونهم كأبطال وكعظماء منذ صغرهم؛لذلك كانوا عظماء في صغرهم وكبرهم!!
كانت الأسر قديما تطبق النظريات الحديثة في التربية قبل معرفتها بها لأن مصدرها القران والسنة اللذان يدعوان لهذا الأمر.
كانت الأسر تثق بأبنائها وتحترمهم ليكونوا ناجحين مبدعين مميزين، ولم تكن تنتظر منهم النجاح والتميز لتثق بهم.... لاحظ روعة التعامل ورقي الفكر.
كان محمد صلى الله عليه وسلم يحاور الشباب ويستمع لهم بإنصات وحب،ولا يخفى على أحد بأن الرسول عليه الصلاة والسلام اعتمد في نشر دعوته على حكمة كبار السن وحيوية وإبداع الشباب؛وما اختياره لأسامة بن زيد لقيادة جيشٍ يضم كبار الصحابة إلا دليلا على تقديره للشباب ،ويعد ذلك درسا لنا لإعطاء الفرصة للصغار.
أين نحن من ذلك مع أطفالنا ؟هل نجلس معهم؟ هل نحترم أم نسفه أفكارهم؟ هل نحترم خصوصيتهم؟ هل نتحدث معهم برقي بمثل هذه الكلمات 
( لو سمحت،شكرا، من فضلك، أعتذر، جزاك الله خيرا)
يقول أحدهم ساخرا:هل تريدني أن أستأذن قبل الدخول على غرفة ابني؟
ويكمل تساؤله:هل تريدني أتعامل مع ابني بشكل رسمي وكأنه غريب؟
وأنا أقول لا يُلام صاحب هذه العقلية فهو يعتبر الاحترام رسميةً وشيئاً خاصا بالغرباء ولا يستحقه ابنه!!
نسخر من الغرب، ولكنهم يحترمون أبناءهم أكثر وأفضل منا.
ولعلني أفصل في مقال ووقت آخر الأثر الذي نجنيه من احترامنا لصغارنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدني مروركم وتعليقاتكم الرائعه